ولا يصح بيع بإكراه، ولا يثبت إلا باختيار صاحبه وإيثاره.
وإذا باع الإنسان ملكا لغيره، والمالك حاضر، فسكت، ولم يطالب، ولا أنكر ذلك، لم يكن ذلك دلالة على إجازته البيع، ووكالته فيه، ولا دليلا على أنه ليس المبيع ملكا له، وكذلك إن صالح عليه مصالح، وهو ساكت، لم يمض الصلح عليه، وكان له المطالبة به وانتزاعه.
وبيع الأب على الابن، إذا كان كبيرا مكلفا غير مولى عليه، غير ماض، ولا جائز، بل باطل، فإن كان صغيرا أو كبيرا غير مكلف، جاز بيعه عليه، وصح، لأنه وليه، والناظر في أموره، بخلاف العاقل المكلف، لأنه ولي نفسه.
إذا باع مجهولا ومعلوما، بطل البيع فيهما معا، لأنه لا يمكن التوصل إلى الحصة في ثمن المعلوم بجهالة الآخر، فلا يمكن التوصل إلى ما تسقط في مقابلته، وقد بينا فيما مضى، أنه إذا باع ما يملك وما لا يملك، في عقد واحد، أو شاة وخنزيرا في عقد واحد، صح البيع في أحدهما، وبطل في الآخر، لأنه يقسط الثمن عليهما، ويمكن التوصل إلى الحصة في ثمن المملوك منهما، لأن الثمن يتقسط عليهما بالقيمة، والحصة، فإذا قلنا أنه يمسك بما يتقسط عليه من الثمن، فما يتقسط على القيمة، كالعبدين، والثوبين، قسط عليهما، وما يتقسط على الأجزاء، كالحبوب، والأدهان، فإنه يمسكه بحصة من غير تقويم، ولا تقسيط، لأن ذلك متساوي الأجزاء، فهو متساوي القيم.
وإذا قال: بعتك هذه الدار، وآجرتك هذه الدار الأخرى، بألف، كان صحيحا، لأنه لا مانع منه، فإذا قلنا البيع والإجارة صحيحان، فإنه يأخذ كل واحد حصته، من الثمن الذي هو العوض في مقابلتهما، بقيمة المبيع، وأجرة مثل الدار، وهكذا اعتبار التقسيط في جميع ما قدمناه، من بيع السلعتين، فليلحظ ذلك.
إذا باع الإنسان بهيمة، أو جارية حاملا، واستثنى حملها لنفسه، كان جائزا، فإن استثنى يدها، أو رجلها، أو عضوا منها، كان استثناؤه باطلا.