لأحكامهم في كل عين مدة معلومة محصورة تتنوع تلك المدد بحسب المنزل الدنياوي والأخراوي والبرزخي والحكم البرزخي أسرعه مدة وأكثره حكما كذا وسنيه على قدر أيامه والأيام متفاضلة فيوم نصف دورة ويوم دورة كاملة ويوم من ثمان وعشرين دورة وأكثر من ذلك إلى يوم المعارج وأقل من ذلك إلى يوم الشؤون وما بين هذين اليومين درجات للأيام متفاضلة وجعل لكل نائب من هؤلاء الأملاك الاثني عشر في كل برج ملكه إياه ثلاثين خزانة تحتوي كل خزانة منها على علوم شتى يهبون منها لمن نزل بهم عن قدر ما تعطيه رتبة هذا النازل وهي الخزائن التي قال الله فيها وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم وهذا النازل بهم ما يصرف ما حصل له من هذه الخزائن من العلوم في نفسه فإن حظه منها حظ حصولها ويصرف ما حصل له في عالم الأركان والمولدات والإنسان فمن النازلين من يقيم عندهم يوما في كل خزانة وينصرف وهو أقل النازلين إقامة وأما أكثر النازلين إقامة فهو الذي يقيم عند كل خزانة ليحصل منها على قدر رتبته عند الله وما يعطيه استعداده مائة سنة وباقي النازلين ما بين مائة سنة واليوم وأعني باليوم قدر حركة هذا الفلك الأطلس وأعني بالمائة سنة كل سنة ثلاث مائة وستين يوما من أيام هذه الحركة فاعلم ذلك وهذه الخزائن تسمى عند أهل التعاليم درجات الفلك والنازلون بها هم الجواري والمنازل وعيوقاتها من الثوابت والعلوم الحاصلة من هذه الخزائن الإلهية هي ما يظهر في عالم الأركان من التأثيرات بل ما يظهر من مقعر فلك الكواكب الثابتة إلى الأرض وسميت ثابتة لبطئها عن سرعة الجواري السبعة وجعل لهؤلاء الاثني عشر نظرا في الجنات وأهلها وما فيها مخلصا من غير حجاب فما يظهر في الجنان من حكم فهو عن تولي هؤلاء الاثني عشر بنفوسهم تشريفا لأهل الجنة وأما أهل الدنيا وأهل النار فما يباشرون ما لهم فيها من الحكم إلا بالنواب وهم النازلون عليهم الذين ذكرناهم فكل ما يظهر في الجنات من تكوين وأكل وشرب ونكاح وحركة وسكون وعلوم واستحالة ومأكول وشهوة فعلى أيدي هؤلاء النواب الاثني عشر من تلك الخزائن بإذن الله عز وجل الذي استخلفهم ولهذا كان بين ما يحصل عنهم بمباشرتهم وبين ما يحصل عنهم بغير مباشرتهم بل بوساطة النازلين بهم الذين هم لهم في الدنيا والنار كالحجاب والنواب بون عظيم وفرقان كبير يحصل علم ذلك الفرقان في الدنيا لمن اتقى الله وهو قوله في هذا وأمثاله إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا وهو علم هذا وأمثاله ويكفر عنكم سيئاتكم أي يستر عنكم ما يسؤكم فلا ينالكم ألم من مشاهدته فإن رؤية السوء إذا رآه من يمكن أن يكون محلا له وإن لم يحل به فإنه تسوءه رؤيته وذلك لحكم الوهم الذي عنده والإمكان العقلي ويغفر لكم أي ويستر من أجلكم ممن لكم به عناية في دعاء عام أو خاص معين فالدعاء الخاص ما تعين به شخصا بعينه أو نوعا بعينه والعام ما ترسله مطلقا على عباد الله ممن يمكن أن يحل بهم سوء والله ذو الفضل العظيم بما أوجبه على نفسه من الرحمة وبما أمتن به منها على من استحق العذاب كالعصاة في الأصول والفروع وهؤلاء النواب الاثنا عشرهم الذين تولوا بناء الجنات كلها الأجنة عدن فإن الله خلقها بيده وجعلها له كالقلعة للملك وجعل فيها الكثيب إلا بيض من المسك وهو الظاهر من الصورة التي يتجلى فيها الرب لعباده عند الرؤية كالمسك بفتح الميم من الحيوان وهو الجلد وهو الغشاء الظاهر للأبصار من الحيوان وجعل بأيديهم غراس الجنات إلا شجرة طوبى فإن الحق تعالى غرسها بيده في جنة عدن وأطالها حتى علت فروعها سور جنة عدن وتدلت مطلة على سائر الجنات كلها وليس في أكمامها ثمر إلا الحلي والحلل لباس أهل الجنة وزينتهم زائدا في الحسن والبهاء على ما تحمل أكمام شجر الجنات من ذلك لأن لشجرة طوبى اختصاص فضل بكون الله خلقها بيده فإن لباس أهل الجنة ما هو نسج ينسج وإنما تشقق عن لباسهم ثمر الجنة كما تشقق الأكمام هنا عن الورد وعن شقائق النعمان وما شاكلهما من الأزهار كلها كما ورد في الخبر الصحيح كشفا والحسن نقلا أن رسول الله ص كان يخطب بالناس فدخل رجل فقال يا رسول الله أو قام رجل من الحاضرين الشك مني فقال يا رسول الله ثياب أهل الجنة أخلق تخلق أم نسج تنسج فضحك الحاضرون من كلامه فكره ذلك رسول الله ص منهم وقال أتضحكون أن سأل جاهل عالما يا هذا وأشار إلى السائل بل تشقق عنها ثمر الجنة فحصل لهم علم لم يكونوا عرفوه وأدار بجنة عدن سائر الجنات وبين كل
(٤٣٤)