جنة وجنة سور يميزها عن صاحبتها وسمي كل جنة باسم معناه سار في كل جنة وإن اختصت هي بذلك الاسم فإن ذلك الاسم الذي اختصت أمكن ما هي عليه من معناه وأفضله مثل قوله ص أقضاكم علي وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وأفرضكم زيد وإن كان كل واحد منهم يعلم القضاء والحلال والحرام والفرائض ولكن هو بمن سمي به أخص وهي جنة عدن وجنة الفردوس وجنة النعيم وجنة المأوى وجنة الخلد وجنة السلام وجنة المقامة والوسيلة وهي أعلى جنة في الجنات فإنها في كل جنة من جنة عدن إلى آخر جنة فلها في كل جنة صورة وهي مخصوصة برسول الله ص وحده نالها بدعاء أمته حكمة من الله حيث نال الناس السعادة ببركة بعثته ودعائه إياهم إلى الله وتبيينه ما نزل الله إلى الناس من أحكامه جزاء وفاقا وجعل أرض هذه الجنات سطح الفلك المكوكب الذي هو سقف النار وسيأتي فصله في هذه الفصول إن شاء الله تعالى وجعل في كل جنة مائة درجة بعدد الأسماء الحسنى والاسم الأعظم المسكوت عنه لوترية الأسماء وهو الاسم الذي يتميز به الحق عن العالم هو الناظر إلى درجة الوسيلة خاصة وله في كل جنة حكم كما له حكم اسم إلهي فافهم ومنازل الجنة على عدد آي القرآن ما بلغ إلينا منه نلنا تلك المنزلة بالقراءة وما لم يبلغ إلينا نلناه بالاختصاص في جنات الاختصاص كما نلنا بالميراث جنات أهل النار الذين هم أهلها وأبواب الجنة ثمانية على عدد أعضاء التكليف ولهذا ورد في الخبر أن النبي ص قال فيمن توضأ وصلى ركعتين ولم يحدث نفسه بشئ فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء فقال له أبو بكر الصديق رضي الله عنه فما عليه إن لا يدخلها من أبوابها كلها فقرر رسول الله ص قول أبي بكر وأثبته وفي خبر جعله صاحب هذا الحال فلكل عضو باب والأعضاء ثمانية العين والأذن واللسان واليد والبطن والفرج والرجل والقلب فقد يقوم الإنسان في زمن واحد بأعمال هذه الأعضاء كلها فيدخل من أبواب الجنة الثمانية في حال دخوله من كل باب منها فإن نشأة الآخرة تشبه البرزخ وباطن الإنسان من حيث ما هو ذو خيال وأما خوخات الجنات فتسع وسبعون خوخة وهي شعب الايمان بضع وسبعون شعبة والبضع هنا تسعة فإن البضع في اللسان من واحد إلى تسعة فأدنى شعب الايمان إماطة الأذى عن الطريق وأعلاه لا إله إلا الله وما بينهما مما يتعلق من الأعمال ومكارم الأخلاق فمن أتى شيئا من مكارم الأخلاق فهو على شعبة من الايمان وإن لم يكن مؤمنا كمن يوحى إليه في المبشرات وهي جزء من أجزاء النبوة وإن لم يكن صاحب المبشرة نبيا فتفطن لعموم رحمة الله فما تطلق النبوة إلا لمن اتصف بالمجموع فذلك النبي وتلك النبوة التي حجزت علينا وانقطعت فإن من جملتها التشريع بالوحي الملكي في التشريع وذلك لا يكون إلا لنبي خاصة فلا بد أن يكون لهذه الشعبة حكم فيمن قامت به واتصف بها وظهر أثرها عليه فإن الله لما أخبر بهذه الشعبة على لسان الرسول أضافها إلى الايمان إضافة إطلاق لم يقيد إيمانا بكذا بل قال الايمان والايمان بكذا شعبة من شعب الايمان المطلق فكل شعبة إيمان كالذين آمنوا بالباطل خاصة وهو الإصلاح بين الناس بما لم يكن والخديعة في الحرب فكان للكذب دخول في الايمان فهو في موطن شعبة من شعب الايمان وقد يوجد هذا من المؤمن وغير المؤمن على أنه ما ثم غير مؤمن فإن الله ما تركه كما أنه ما ثم غير كافر فإن الأمر محصور بين مؤمن بالله ومؤمن بالباطل وكافر بالله وكافر بالباطل فكل عبد لله فهو مؤمن كافر معا يعين إيمانه وكفره ما تقيد به فلكل شعبة من الايمان طريق إلى الجنة فأهل الجنان في كل جنة وأهل النار من حيث ما قام بهم من شعب الايمان وهم أهل النار الذين لا يخرجون منها فلهم بما كانوا فيه من شعب الايمان جميع معاني الجنات في النار إلا جنة الفردوس والوسيلة لا قدم لهم فيهما فإن الفردوس لا عين له في النار فلهم النعيم والخلد والمأوى والسلام والمقامة وعدن ولأهل الجنات الرؤية متى شاءوا ولأهل النار في أحيان مخصوصة الرؤية فإن الله ما أرسل الحجاب عليهم مطلقا وإنما قال يومئذ في قوله كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون لما تعود عليهم واغلظ في حال الغضب والربوبية لها الشفقة فإن المربي ضعيف يتعين اللطف به فلذلك كان في حال الغضب عن ربه محجوبا فافهم فأورثه ذلك الحجاب أن جعله يصلي الجحيم لأنه قال بعد قوله لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم فأتى بقوله ثم فما صلى الجحيم إلا بعد وقوع الحجاب ولذلك قيده بيومئذ كذلك أيضا لم يخل إنسان ولا مكلف أن يكون على خلق من أخلاق الله وأن لله
(٤٣٥)