رسول فحرام عليه ذلك وحرام عليه خروجه عن شرع الرسول ولم تظهر هذه الطريقة الوضعية التي تطلبها الحكمة في نوع من الأنواع إلا في النوع الإنساني خاصة لخلقه على الصورة فيجد في نفسه قوة إلهية تدعوه لتشريع المصالح فإن شرعها أحد غيره وهو الرسول فلا يزال يؤيده ويمهد لأمته وما وضعه لها ذلك الرسول ويبين لهم ما خفي عنهم من رسالته لقصور فهمهم وإن لم يفعل ذلك مع قدرته عليه لم يزل في سفال إلى يوم القيامة كما جاء في الإمام إذا صلى وهو يعلم أن خلفه من هو أحق بالإمامة منه فلم يقدمه وتقدم عليه لم يزل في سفال إلى يوم القيامة إلا أن يقدمه ذلك الأفضل فيتقدم عن أمره كصلاة أبي بكر برسول الله ص وصلاة عبد الرحمن بن عوف برسول الله ص لما جاء وقد فاتته ركعة وتقدم لأجل خروج الوقت فجاء رسول الله ص وقد صلوا ركعة فصلى خلفه وشكرهم على ما فعلوا وقال أحسنتم ولولا إن الشارع قرر حكم المجتهد من علماء هذه الأمة ما ثبت له حكم واعلم أن العلماء بالله على مراتب في أخذهم العلم الإلهي فمنهم من أخذ العلم بالله من الله وهم الذين قيل لهم فاعلموا أنه إله واحد ومنهم من أخذ العلم بالله عن نظر واستدلال وهم الذين نصب الله لهم الأدلة والآيات في الآفاق وفي أنفسهم وأمرهم بالنظر في ذلك حتى يتبين لهم أنه الحق مثل قوله أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ وقوله لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا وقوله ص من عرف نفسه عرف ربه ومنهم من أخذ العلم بالله من تقوى الله مثل قوله تعالى إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا تفرقون به بين الله وبين الآلهة التي عبدها المشركون وتعرفون ما عبدوا من ذلك مع علمهم إذا سموهم أنهم أحجار وأشجار وكواكب وملائكة وناس وجان ويعلمون حقيقة كل مسمى ولما ذا اختصوا بالعبادة ما اختصوا منها وهي ومن لم يتخذوه معبودا من أمثالها في الحد والحقيقة على السواء وما في هذه الطوائف أعلى ممن حصل العلم بالله عن التقوى فهذا المأخذ أعلى المراتب في الأخذ فإن له الحكم الأعم يحكم على كل حكم وعلى كل حاكم بكل حكم فهو خير الحاكمين ولا يكون هذا العلم ابتداء ولهذا لا يختص به إلا المؤمنون العالمون الذين علموا إن ثم واحدا يرجع إليه ويوصل إلى شهوده وإن لم يعلموا ذلك قصرت هممهم ولو تجلى لهم الحق بنفسه أنكروه وردوه فإنه عندهم مقيد بأمر ما مهما لم يجدوا ذلك الأمر الذي قيدوه به فيمن تجلى لهم وقال لهم أو قيل لهم إنه الله ردوه ولا بد فلما قصرت هممهم وأعطاهم نظرهم أن الحق لا يراه أحد كالفيلسوف والمعتزلي وإن علم فبالضرورة ينكرونه في تجليه لهم فلا بد للمؤمن أن يعطيه نور إيمانه ما أعطى لموسى ع في نفسه حتى سأل الرؤية ثم أخبر الله أنه تجلى للجبل والجبل من العالم وتدكدك الجبل عند رؤيته ربه وإذا تجلى لمحدث جاز أن يراه كل محدث إذا شاء وجاز أن يتجلى له فإذا علموا وآمنوا وانبسط نور الايمان على المراتب والمقامات فعلموها كشفا ووجودا وانبسط على نفوسهم فشاهدوا نفوسهم فعرفوها فعرفوا ربهم بلا شك علما وإيمانا ثم عملوا بتقوى الله فجعل الله لهم فرقانا بين ما أدركوه من الله بالعلم الخبري وبالعلم النظري وبالعلم الحاصل عن التقوى وعلموا عند ذلك ما هو التام من هذه العلوم والأتم فمن ادعى التقوى ولم يحصل له هذا الفرقان فما صدق في دعواه فإن الكذب كله عدم أي مدلوله عدم وإن كان مذموما بالإطلاق عرفا محمودا بالتقييد الذي يحمد به والصدق كله حق أي مدلوله حق وإن كان محمودا بالإطلاق عرفا مذموما بالتقييد الذي يذم به أوقفني الحق في شهودي * جودا وفضلا على وجودي فقمت شكرا به إليه * أرغب في لذة المزيد فزادني جوده علوما * بالله في نسبة الوجود إليه سبحانه تعالى * ترى على الكشف والشهود لا يعرف الله غير قلب * كالبدر في منزل السعود يرقى إليه يجئ منه * ما بين بيض وبين سود فأما العلماء بالله من طريق الخبر فلا يعلمون من الله إلا ما ورد به خبر الله عن الله في كتاب أو سنة فهم بين مشبه بتأويل
(٤٠١)