وأما إن قلنا: بأن الأمر الآتي من قبله تعلق بعنوان الوفاء بالنذر (1) فمقتضى القاعدة هو الاشتغال عند الشك في وقت النية، وأنه هل يكفي النية في بعض أجزاء النهار، أم لا بد من إيقاعها عند الفجر؟ لأنه يرجع إلى الشك في المحصل والمحصل العقلي، كما لا يخفى، إذن بين الواجب بالذات وبالعرض فرق من حيث الأصول العملية.
وأما حسب الأدلة الاجتهادية، فربما يستظهر من الرواية المذكورة في الباب الثاني المعتبرة، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال علي: إذا لم يفرض الرجل على نفسه صياما، ثم ذكر الصيام قبل أن يطعم طعاما، أو يشرب شرابا، ولم يفطر، فهو بالخيار، إن شاء صام، وإن شاء أفطر (2).
فإنه يستظهر منها أن جميع أصناف الصيام بحسب النية، موسع إلى آخر الوقت، ويقيد إطلاقه - حسب الأدلة السابقة - بالنسبة إلى ما بعد الزوال، فيكون ما هو المفروض بالذات - سواء كان موسعا، أو مضيقا - موسع النية إلى الزوال، بخلاف المفروض بالعرض، فإن المكلف لا خيار له بالنسبة إليه، ويتعين عليه النية من الابتداء.
وفيه أولا: أن الظاهر من قوله: صياما ثم ذكر الصيام أن المراد من الصيام المحلى بالألف واللام بعد النكرة، هو الصيام الأول الذي لم يفرض على نفسه، والمراد مما لم يفرض على نفسه هو الصيام