وقال ابن الجنيد (رحمه الله): ويستحب للصائم فرضا وغير فرض، أن يبيت الصيام من الليل لما يريد به، وجائز أن يبتدئ بالنية وقد بقي بعض النهار، ويحتسب به من واجب (1) انتهى.
ولا يوجد في كلماتهم من اكتفى بالنية آنا ما في أجزاء الزمان المتوسطة بين الحدين، كي يصح صوم من نواه ثم انصرف، ولكن لم يجد شيئا، فأمسك عن المفطرات اتفاقا، أو من نوى في أثناء النهار، فكأنه يظهر منهم أنه إن نوى الامساك في جزء من النهار قبل الزوال، أو بعده، فلا بد من امتدادها إلى الغروب.
إذا تبينت هذه الجهة واختلاف الآراء فاعلم: أن من الممكن دعوى أن حقيقة الصوم ليست منوطة بالنية، وإنما تعتبر النية حسب الدليل الشرعي، وما ثبت به كفاية صرف وجودها، وأما كون الامساك في جميع الحدين مصبوغا بصبغ النية، ومقرونا بها، ومتحققا عنها، فلا يدل عليه إلا الاجماع المنقول، ويكفي لموهونية مثله مخالفة السيد وابن الجنيد.
وقد أشرنا فيما سبق إلى أن العام المجموعي - وهو الامساك بين الحدين - يوصف بالنية إذا تحققت في بعض أجزائه نعت النية (2)، كما لا يخفى.
وربما يقال: إن عبادية الصوم أمر مفروغ عنها عند المتشرعة والمسلمين، ولا يعقل التفكيك بين كونه عباديا، وبين لزوم نية الصوم، فإن أمسك لله تعالى فهو يكون من القصد إلى الامساك، ويخرج عن الامساك