كتاب الصلاة - تقرير بحث المحقق الداماد ، لمؤمن - الصفحة ٤١٤

____________________
وعلى أي حال: فقد تكون قاصرة وقد تكون مقصرة، والمراد بالمقصر - كما في سائر الموارد - من كان غير معذور في جهله. وتصويره في الحال البسيط واضح بأن التفت إلى جهله وكان قادرا على رفع الجهل فسامح ولم يتعلم. وفي المركب أيضا صحيح، بأن يقول المولى: " من اتبع هذا الطريق كالقياس - فحصل له قطع مخالف للواقع فلا يعذر فيه " فإن العقل حاكم معه بجواز العقاب منه عليه، وإن كان لا يمكن حين قطعه أن يخاطب بعدم اتباع قطعه. والحاصل: أن هذا القاطع حين قطعه أيضا يعترف بأنه لو كان قطعه هذا مخالفا للواقع لم يعذر فيه، لكنه قاطع بعدم مخالفته له.
فإن كان الجهل جهلا عن قصور: فلا يبعد الحكم بالصحة بمقتضى عموم " لا تعاد " - كما عرفت - سواء كان جهلا بسيطا أم مركبا، ولا محذور فيه.
وأما إن كانت جاهلة مقصرة: فشموله للمقصر يلزمه لغوية جعل الشرطية والجزئية للشرط والجزء عرفا، إذ معه فالداعي لأحد إلى أن يتعلم الأحكام ولا أن يطيع الأوامر الواردة الموجبة لتعلمها ويصير الدليل المانع عن اتباع الطريق الممنوع غير متبع.
إن قلت: يمكن دفع المحذور بأن يلتزم بعقاب المقصر، عملا بأدلة وجوب التعلم وحرمة اتباع القياس مثلا، وبصحة عمله أيضا عملا بعموم " لا تعاد ".
قلت: لكنه خلاف الظاهر لحديث " لا تعاد " إذ ظاهره الحكم بالصحة من غير استتباع لعقوبة، فلاحظ.
وحينئذ فالأقوى في المقصر هو البطلان، كما كان الأقوى في القصر هو الصحة (1).

(1) لا يخفى: أن الجاهل القاصر إذا كان جهله بسيطا والتفت إليه في أثناء الصلاة، فغاية الأمر أنه لمكان قصوره لا يعاقب على جهله، لكنه قادر على الاحتياط بالستر حتى يسأل عن الحكم بعد الصلاة. فلو لم تحتط وصلت منكشفة فقد تركت الستر عن عمد. ولا بعد في دعوى عدم شمول الحديث وانصرافه عنها - ثم إنه بقي هنا قسم آخر لم يتعرضه (مد ظله) وهو ما إذا كانت في عين جهلها البسيط غافلة عن جهلها ولا شك في شمول عموم " التعاد " لها.
(منه عفي عنه)
(٤١٤)
مفاتيح البحث: الجهل (3)، الصّلاة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 415 417 418 419 420 ... » »»
الفهرست