فيه أولا: أنه من المسلم عندهم أن " وقفت " من الألفاظ الصريحة و " تصدقت " ليس من الألفاظ الصريحة، فلا يكون المفهوم من أحدهما عين المفهوم من الآخر.
وثانيا: إن التصدق ليس بمعنى التمليك، بل يصدق على الابراء على ما فسر به قوله تعالى * (وأن تصدقوا خير لكم) * (1) بل الظاهر أن مطلق ما يكون واقعا في موقعه من تمليك أو ابراء أو أداء حق يكون صدقة، وبهذا الاعتبار ورد كل (معروف صدقة).
وثالثا: أن صحة الوقف بلفظ " تصدقت " - لو كانت بلحاظ أنها مفيدة للملك بمفهومها - والوقف حينئذ هو التمليك لصح الوقف بلفظ " ملكت العين " ولو بضميمة التصريح بتسبيل المنفعة، ومن عدم الصحة يعلم أن الوقف - وإن كان متضمنا للملك أو ملزوما له - إلا أن مفهومه ليس بمعنى التمليك حتى ايجاد الملكية المقصورة على الشخص، بل حقيقته بعد فرض التضمن للملك هو قصر العين ملكا وحبسها كذلك، فإنه الموافق لمفهوم الوقف، وصحة الايجاب بلفظ " تصدقت " مع القرينة كقولهم " بحيث لا تباع ولا توهب " من باب الايجاب بالمجازات المحفوفة بالقرائن، فإنها في إفادة المقاصد بحيث لا يكون موردا للنزاع كالألفاظ الصريحة، لا من أجل مساوقة الوقف والصدقة والتمليك الخاص مفهوما فافهم جيدا.
- قوله (قدس سره): (إلا أن المالك له بطون متلاحقة... الخ) (2).
بعد فرض عدم أخذ المحبوسية في حقيقة الوقف يكون المانع، كما تقدم القول فيه - تعلق حق البطون اللاحقة وكونهم مالكين للعين في مواطنهم، وحينئذ إذا جاز بيع الوقف للكل، بحيث يكون الثمن ملكا لهم على نهج ملك المثمن كان عدم الولاية على بيع ملك الغير مانعا، فالترخيص في البيع يفيد الولاية على مال الغير، فهو إبطال للوقف من حيث شخص العين، وابقاء له من حيث ماليتها المنحفظة ببدلها، وسيجئ (3) إن شاء الله تعالى أنه مبني على تعدد المطلوب وإذا جاز بيع