شرطية الوثوق والأمن من الخطر، وشرطيته للبيع غير مقتضية لكونه شرطا لمعاملة أخرى.
وأما وجود المقتضي من حيث المرسل المطلق الشامل للصلح فانجباره غير معلوم، فإن المستند غير منحصر فيه، فلعل بملاحظة استفادة العلية.
وأما في المانع فنقول: البيع والإجارة ونحوهما المبني على المبادلة والتقابل بين المالين - بحيث يكون كل منهما قائما مقام الآخر - له صنفان غرري وغير غرري، فدليل الغرر يقيد أدلة تلك المعاملات بغير الغرري، بخلاف الصلح الذي بطبعه مبني على المسالمة والتجاوز، فإنه ليس الغرض فيه متقوما بالمبادلة والمقابلة حتى يكون غرريا تارة وغير غرري أخرى، فله الحكومة على دليل الغرر دون العكس.
هذا كله بعد تسليم دلالة المرسل على نفي الغرر في جميع المعاملات، وإلا فمن المحتمل إرادة النهي عن الخديعة والتغرير، أو إرادة النهي مولويا عن الاقدام الخطري، نظير النهي عن الالقاء في التهلكة، وليس النهي متعلقا بالمعاملة الغررية ليكون ظهوره الثانوي في الارشاد إلى الفساد، فهذا هو الفارق بين النهي عن بيع الغرر والنهي عن الغرر.
هذا مضافا إلى الصحيح الوارد في عدم مانعية الجهالة كلية، حيث قال: (في رجلين - لكل واحد منهما عند صاحبه طعام لا يدري كل واحد منهما كم عند صاحبه - فقال كل واحد منهما لصاحبه: لك ما عندك ولي ما عندي؟ فقال (عليه السلام): لا بأس بذلك) (1) فإنه مع الجهل المحقق للغرر حكم (عليه السلام) بالصحة، وهو محمول بمعونة فهم الأصحاب على الصلح، فإن احتمال الابراء مدفوع بظهور جميع فقراته في وجود المال عند الشريكين، لا ثبوت المال على ذمتهما، نعم احتمال الهبة المعوضة بهبة أخرى قائم، بل الظاهر ذلك، حيث قال (كل منهما لصاحبه لك ما عندك) وإن كان المورد مورد المسالمة والتجاوز.