نظر، وقد عرفت وجهه.
وأما الثاني: فإن جواز امتناع المشتري عن تسليم الثمن - مع بقائه على ملك البائع الممنوع عن التصرف فيه - لا يرفع الغرر والخطر، فإن الممنوعية عن التصرف مع عدم حصول المبيع في اليد يساوق ذهاب ماله هدرا بحسب الخارج، فإن كون الثمن في يده وخروجه عن يده في هذه الصورة متساويين.
وأما الثالث: فربما يناقش فيه بأنه لا يرفع الغرر، وتقريبه: أن الغرر تارة من ذهاب ما بذله هدرا، وأخرى من حيث عدم حصول ما تعلق الغرض المعاملي بتحصيله، واشتراط الضمان يمنع عن الغرر من الحيثية الأولى دون الثانية.
وأما الرابع فتقريبه: أن البيع الغرري المتعقب بالتلف قبل القبض - وإن كان لا يرتفع غرره بلحاظ ترتب حكمه عليه، وهو الانفساخ - إلا أن هذا البيع الغرري الخاص لا يعمه الاطلاق، حتى يمنع من ترتب حكمه عليه، ليلزم المحذور المتقدم، وحيث إنه لا يعمه الاطلاق فهو مع غرريته بيع صحيح يترتب عليه حكمه، إلا أن منع الاطلاق بلا وجه، لما مر من أنه لا تفاوت بين كون الغرر المنفي شرعيا أو عرفيا، بل توهم عدم الشمول ليس إلا بلحاظ ارتفاع الغرر في نفسه بترتب الانفساخ، وقد عرفت استحالته.
مما قدمناه تعرف عدم صحة بيع الضال وشبهه إلا في موردين.
أحدهما: ما كان الضال رقا فإن، الانتفاع بعتقه - كما مر (1) وسيجئ (2) إن شاء الله تعالى - يرفع الغرر.
وثانيهما: ما إذا اشترط البائع للمشتري برد الثمن أو رد مثله.
وأما الغرر من حيث عدم حصول المبيع في يده فهو من باب تخلف الغرض الداعي إلى الشراء، لا أنه يقع واقعا في الخطر، ولا يراد من الغرر إلا ما لا يؤمن معه من الخطر لا من عدم حصول الغرض.