والورع. علاج هذا الغرور: أن يعرف الفرق بين الرجاء الممدوح والتمني المذموم، ويعلم أن غروره ليس رجاء ممدوحا، بل هو تمن مذموم، كما قال رسول الله (ص): (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله). فإن الرجاء لا ينفك عن العمل، إذ من رجا شيئا طلبه ومن خاف شيئا هرب منه، وكما أن الذي يرجو في الدنيا ولدا وهو لم ينكح، أو نكح ولم يجامع، أو جامع ولم ينزل، فهو مغرور أحمق، كذلك من رجا رحمة الله وهو لم يؤمن، أو آمن ولم يترك المعاصي، أو تركها ولم يعمل صالحا، فهو مغرور جاهل كيف وقد قال الله - سبحانه -:
(إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله) (20) يعني أن الرجاء يليق بهم دون غيرهم وذلك، لأن ثواب الآخرة أجر وجزاء على الأعمال، كما قال - تعالى -:
(جزاء بما كانوا يعملون) (21). وقال: (وإنما توفون أجوركم يوم القيامة) (22). وقال: (وأن ليس للانسان إلا ما سعى، وإن سعيه سوف يرى) (23) وقال: (كل نفس بما كسبت رهينة) (24).
أفترى أن من استؤجر على صلاح أوان وشرط له أجرة عليها، وكان الشارط كريما يفي بوعده وشرطه، بل كان بحيث يزيد على ما وعده وشرطه، فجاء الأجير وكسر الأواني وأفسدها جميعا، ثم جلس ينتظر الأجر زعما منه أن المستأجر كريم، أفيراه العقلاء في انتظاره راجيا أو مغرورا متمنيا؟
وبالجملة: سبب هذا الغرور الجهل بين الرجاء والعزة، فليعالجه بما ذكر هنا وفيما سبق.
ثم إن المغرور بعلو رتبة آبائه، ظانا أن الله تعالى يحب آباءه، ومن