البهيمية، بأن يكون الفعل مما تقتضيه هذه القوة: كأكل، وشرب، وجماع وكسب مال، وأمثال ذلك من الالتذاذات الشهوية، كانت النية والقصد أيضا متعلقة بهذه القوة معدودة من فضائلها أو رذائلها، وإن كان مما تقتضيه القوة السبعية: من دفع مؤذ، أو طلب الاستعلاء، أو تفوق، وأمثال ذلك كانت النية أيضا متعلقة بهذه القوة معدودة من فضائلها أو رذائلها. وقد ظهر بما ذكر: إن المحرك الأول هو الغرض المطلوب - أعني المقصود المنوي بعد تعلق العلم به - وهو الباعث الأول وينبعث منه الشوق وهو الباعث الثاني ويتولد منه القصد والنية وهو الباعث الثالث المحرك للقدرة الباعث لانتهاضها على تحريك الأعضاء إلى جانب العمل.
فصل تأثير النية على الأعمال العمل غرضه الباعث، أي باعثه الأول، إما واحد: كالقيام للإكرام، أو للهرب من السبع المتهجم عليه، أو متعدد مع استقلال كل واحد بالباعثية متساويا أو متفاوتا: كالتصدق للفقر والقرابة بالنظر إلى من ينتهض فيه كل واحد بانفراده سببا للاعطاء، أو بدون استقلال واحد لو انفرد، بل المستقل المجموع، كالمثال المذكور بالنظر إلى من يعطي ماله قريبه الفقير ويمتنع عند الانفراد، أي لا يعطيه قريبه الغني، ولا الأجنبي الفقير، أو مع استقلال بعض دون بعض: بأن يكون للثاني تأثير بالإعانة والتسهيل دون البعث والتحصيل، ثم يتعدد الجزاء بتعدد البواعث، إن خيرا فخير:
كالدخول في المسجد لزيارة الله، ولانتظار الصلاة، والاعكتاف والانزواء والتجرد للذكر. وترك الذنوب، وملاقاة الأتقياء وإخوانه المؤمنين واستماع المواعظ وأحكام الدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن شر فشر: كالقعود فيه للتحدث بالباطل، وملاحظة النساء، والمناظرة للمباهاة والمراءاة، وربما كان بعض البواعث خيرا وبعضها شرا: كالتصدق للثواب والرياء، ودخول المسجد لبعض البواعث الأول، وبعض البواعث الثانية، والعمل الذي باعثه من هذا القسم قد ظهر حكمه في باب الإخلاص. ثم باعث