الوصول إلى المحبوب أو الوصول إلى ما لا يستبشر ولا يبتهج بملاحظته، لعدم الرغبة إليه أو للتنفر عنه، فالحب منشأ الأنس، والأنس يترتب عليه وهو غاية المحبة فلا يخلو أنس عن المحبة والمحبة قد تكون بدونه، ثم المطلوب المحبوب قد يكون مطلوبا للقوة العاقلة، كالعلم بحقائق الأشياء، وقد يكون مطلوبا للقوة الغضبية، كالاستيلاء والغلبة، وقد يكون مطلوبا للقوة الشهوية كالمال والأزواج، وعلى كل تقدير تكون الأمور - أعني عدم الرغبة والغفلة والكراهة والبعد - وأضدادها - أعني الشوق والإرادة والحب والأنس - متعلقة بتلك القوة، معدودة من رذائلها أو فضائلها. ثم المحبوب إن كان مما يستحسن حبه وطلبه شرعا وعقلا، كان ما يتعلق به من الشوق والإرادة والحب والأنس من الفضائل وأضدادها من الرذائل، إن كان مما يذم حبه وطلبه شرعا وعقلا كان بالعكس.
فصل الشوق - أفضل مراتب الشوق الشوق إلى الله - تعلق الحب بجميع القوى - أقسام الحب بحسب مباديه - لا محبوب حقيقة إلا الله - الشهود التام هو نهاية درجات العشق - سريان الحب في الموجودات - رد المنكرين لحب الله - معرفة الله أقوى سائر اللذات - تحقيق رؤية الله في الآخرة ولذة لقائه - الطريق إلى الرؤية واللقاء - تفاوت المؤمنين في محبة الله - الواجب أظهر الموجودات - علائم محبة الله - معنى حب الله لعبده - الحب في الله والبغض في الله - الوفاء في الحب - الأنس - الأنس قد يثمر الإدلال.
قد تقدم تفصيل الكلام في النية والغفلة.
* * * وأما الشوق، فنقول في بيانه: قد عرفت أن الشوق عبارة عن الميل والرغبة إلى الشئ عند غيبته، فإن الحاصل الحاضر لا يشتاق إليه، إذ الشوق طلب يسوق إلى نيل أمر، والموجود لا يطلب، فالشوق لا يتصور إلا إلى شئ أدرك من وجه ولم يدرك من وجه، فما لا يدرك أصلا لا يشتاق إليه، إذ لا يتصور أن يشتاق أحد إلى شخص لم يره ولم يسمع وصفه، وما أدرك بكماله لا يشتاق إليه أيضا، إذ المداوم لمشاهدة المحبوب والواصل إليه من