وقد ورد: أن الإمام محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال لجابر ابن عبد الله الأنصاري - وقد اكتنفته علل وأسقام، وغلبه ضعف الهرم -:
(كيف تجد حالك؟) قال: أنا في حال الفقر أحب إلي من الغنى، والمرض أحب إلي من الصحة، والموت أحب إلي من الحياة. فقال الإمام (ع):
(أما نحن أهل البيت فما يرد علينا من الله من الفقر والغنى والمرض والصحة والموت والحياة، فهو أحب إلينا). فقام جابر، وقبل بين عينيه، وقال: صدق رسول الله (ص) حيث قال لي: (يا جابر! ستدرك واحدا من أولادي أسمه اسمي، يبقر العلوم بقرا).
تذنيب أقسام الصبر الصبر باعتبار حكمه ينقسم إلى الأقسام الخمسة، فالصبر عن الشهوات المحرمة وعلى مشاق العبادات الواجبة فرض، وعلى بعض المكاره وأداء المندوبات نفل، وعلى الأذية التي يحرم تحملها حرام، كالصبر على قطع يده، أو يد ولده، أو قصد حريمه بشهوة محضورة، وعلى أذى تناله بجهة مكروهة في الشرع. وبذلك يظهر أن كل صبر ليس محمودا، بل بعض أنواعه ممدوح، وبعض أنواعه مذموم، والشرع محكم، فما حسنه حسن، وما قبحه قبيح.
فصل فضيلة الصبر الصبر منزل من منازل السالكين، ومقام من مقامات الموحدين. وبه ينسلك العبد في سلك المقربين، ويصل إلى جوار رب العالمين. وقد أضاف الله أكثر الدرجات والخيرات إليه، وذكره في نيف وسبعين موضعا من القرآن. ووصف الله الصابرين بأوصاف، فقال عز من قائل:
(وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا) 27 وقال: (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا) 28 وقال: (ولنجزين الذين