غيره، كالقتل والغضب والضرب وشهادة الزور وسائر أنواع الظلم، أو لا يكون مما يتأذى به غيره، وهذا إما يوجب فساد الغير، كالجمع بين الرجال والنساء، وتهيئة أسباب الشر والفساد على ما هو دأب صاحب الماخور، أو لا يوجب فساد الغير، كالزنا وشرب الخمر، وهذا أيضا إما كبيرة أو صغيرة. وإظهار البغض أيضا له درجات مختلفة، كالتباعد والهجران، وقطع اللسان عن المكالمة والمحادثة والتغليظ في القول، والاستخفاف والإهانة، وعدم السعي في طاعته، والسعي في إساءته وإفساد مآربه، وبعض هذا أشد من بعض، كما أن درجات الفسق والمعصية أيضا كذلك. فينبغي أن يكون الأشد من درجات البغض بإزاء الأشد من درجات المعصية والفسق، والوسط بإزاء الوسط، والأضعف بإزاء الأضعف.
وينبغي ألا يترك أولا النصيحة، والأمر بالمعروف. والنهي عن المنكر وتغليظ القول في الوعظ والإرشاد، لا سيما إذا كان العاصي ممن بينه وبينه صحبة متأكدة. ثم العاصي إن كان ممن له صفات محمودة، كالإيمان والعلم والسخاء والعبادة والطاعة أو أمثال ذلك، ينبغي أن يكون مبغوضا لأجل معصيته ومحبوبا لأجل صفته المحمودة، وهذا كما أن من وافقك في غرض وخالفك في آخر تكون معه على حالة متوسطة بين التردد إليه والتوحش عنه فلا تبالغ في إكرامه مبالغتك في إكرام من يوافقك في جميع أغراضك ولا تبالغ في إهانته مبالغتك في إهانة من خالفك في جميع أغراضك.
تتميم الوفاء في الحب إعلم أن من تمام الحب للأخوان في الله (الوفاء)، وهو الثبات على الحب ولوازمه وإدامته إلى الموت وبعده مع أولاده وأصدقائه، وضده (الجفاء)، وهو قطع الحب أو بعض لوازمه في أيام الحياة أو بعد الموت بالنسبة إلى أولاده وأحبته، ولولا الوفاء في الحب لما كانت فيه فائدة، إذ الحب إنما يراد للآخرة، فإن انقطع قبل الموت لضاع السعي وحبط العمل، ولذلك قال رسول الله في السبعة الذين يظلمهم الله يوم القيامة: (وأخوان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه). وروي: (أنه (ص) كان