النفس وميلها وتوجهها إلى ما فيه غرضها ومطلبها حالا أو مآلا والموافق لغرض النفس إن كان خيرا لها وسعادة في الدنيا أو الدين، فالغفلة عنه وعدم انبعاث النفس إلى تحصيله رذيلة، والنقصان والنية له والقصد إليه فضيلة وكمال، وإن كان شرا وشقاوة، فالغفلة عنه وكف النفس منه فضيلة، والنية له وإرادته رذيلة. ثم باعث النفس إلى النية أو الغفلة والكف، أن كان من القوة الشهوية كانت النية أو الغفلة متعلقة بها فضيلة أو رذيلة، وإن كان من قوة الغضب كانت النية أو الغفلة متعلقة بهذه القوة كذلك. فالنية والعزم على التزويج متعلقة بالقوة الشهوية، وعلى دفع كافر يؤذي المسلمين متعلقة بقوة الغضب والنية في العبادات مع انضمام التقرب إليها تسمى إخلاصا.
ثم المتبادر من الموافق للغرض والمطلوب لما كان ما هو كذلك عند العقلاء وأرباب البصيرة، فيكون المراد منه ما هو مرغوب ومطلوب في نفس الأمر وما تحصيله خير وسعادة، وبهذا الاعتبار تكون الغفلة بإطلاقها مذمومة والنية ممدوحة، فلو ذمت الغفلة بإطلاقها ومدحت النية كذلك، كان بهذا الاعتبار والآيات والأخبار الواردة في ذم الغفلة خارجة بهذا الاعتبار، كما وصف الله الغافلين وقال:
(إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا) (44). وقال: (أولئك هم الغافلون) 45.
(تنبيه): الغفلة بالمعنى المذكور أعم من أن يكون فتور النفس وخمودها عن الانبعاث إلى ما يراه موافقا للغرض مع الجهل بالمواقف والملائم، أو مع العلم به ومع النسيان عنه، أو مع التذكر له، وربما خص في عرف أهل النظر بصورة الذهول وعدم التذكر. ثم الكسالة والبطالة قريب من الغفلة بالمعنى العام، وربما فرق بينهما ببعض الاعتبارات.
تتميم الغفلة موجبة للحرمان الغفلة والكسالة عما ينبغي تحصيله من أمور الدنيا والدين توجب الحرمان