يقتص من الظالم في يوم القيامة بالحكم العدل القهري بأخذ العوض، سواء رضا الظالم أم لا، وسواء امتنع صاحب الحق عن القبول والابراء أم لا، كما أنه يحكم في الدنيا على من أتلف مال غيره بإعطاء المثل، ويقهر على ذلك، ويحكم على هذا الغير بقبوله، ويجبر عليه إن امتنع عن الابراء، وعن القبول، فكذلك يحكم أحكم الحاكمين وأعدل العادلين في محكمة القيامة، فيقتص من كل ظالم مؤذي بأخذ حسناتهم ووضعها في موازين أرباب المظالم، فإن لم تف بها حسناته حمل من سيئات أرباب المظالم، فيهلك المسكين بسيئات غيره. وبذلك يعلم: أنه لا خلاص لأحد في القيامة إلا برجحان ميزان الحسنات على ميزان السيئات: ومع الرجحان - ولو بقدر مثقال - تحصل النجاة، فيجب على كل معتقد في يوم الحساب أن يسعى في تكثير الحسنات وتقليل السيئات، حتى لا ترجح سيئاته يوم القيامة على حسناته ولو بمثقال فيكون من الهالكين وعلى كل حال لا يغفل عن التضرع والابتهال في الليل والنهار إلى الله سبحانه، لعله بعميم لطفه لا يفضحه يوم تبلى السرائر، ويرضي خصمه بخفي ألطافه.
وما كان في (الدين): بأن نسب مسلما إلى الكفر أو الضلالة أو البدعة، فليكذب نفسه بين يديه من قال ذلك عنده، ويستحل من صاحبه مع الإمكان، وبدونه فليستغفر له ويكثر الابتهال إلى الله ليرضيه عنه يوم القيامة.
ومجمل ما يلزم في التوبة عن حقوق الناس: إرضاء الخصوم مع الإمكان، وبدونه التصدق وتكثير الحسنات والاستغفار، والرجوع إلى الله بالتضرع والابتهال، وليرضيهم عنه يوم القيامة، ويكون ذلك بمشية الله، فلعله إذا علم الصدق من قلب عبده. ووجد ذله وانكساره، ترحم عليه وأرضى خصماءه من خزانة فضله، فلا ينبغي لأحد أن ييأس من روح الله.
فصل تكفير الصغائر ومعنى الكبائر إعلم أن صاحب الشرع قسم الذنوب إلى كبيرة وصغيرة، وحكم بأن اجتناب الكبائر يكفر الصغائر، وأن الصلوات الخمس لا تكفر الكبائر وتكفر ج: 3