القلب إليها، ويتضرع إلى الله أن يشرك القلب مع اللسان في اعتياد الخير.
فصل علاج الإصرار على الذنوب إعلم أن الطريق إلى تحصيل التوبة، والعلاج لحل عقدة الإصرار على الذنوب: أن يتذكر ما ورد في فصلها - كما مر - وتذكر قبيح الذنوب وشدة العقوبة عليها، وما ورد في الكتاب والسنة من ذنب المذنبين والعاصين، ويتأمل في حكايات الأنبياء وأكابر العباد، وما جرى عليهم من المصائب الدنيوية، بسبب تركهم الأولى وارتكابهم بعض صغائر المعاصي، وأن يعلم أن كل ما يصيب العبد في الدنيا من العقوبة والمصائب فهو بسبب معصيته كما دل عليه الأخبار الكثيرة ويتذكر ما ورد من العقوبات على أحاد الذنوب:
كالخمر، والزنا، والسرقة، والقتل، والكبر، والحسد، والكذب، والغيبة وأخذ المال الحرام... وغير ذلك من آحاد المعاصي مما لا يمكن حصره، ثم يتذكر ضعف نفسه وعجزها عن احتمال عذاب الآخرة وعقوبة الدنيا، ويتذكر خساسة الدنيا وشرف الآخرة، وقرب الموت ولذة المناجاة مع ترك الذنوب، ولا يغتر بعدم الأخذ الحالي، إذ لعله كان من الإملاء والاستدراج.
فمن تأمل في جميع ذلك وعلم ذلك على سبيل التحقيق انبعثت نفسه للتوبة البتة، إذ لو لم ينزعج إلى التوبة بعد ذلك، فهو أما معتوه أحمق أو غير معتقد بالمعاد، وينبغي أن يجتهد في قلع أسباب الإصرار من قلبه: أعني الغرور، وحب الدنيا، وحب الجاه، وطول الأمل... وغير ذلك.
فصل الإنابة إعلم أن الإنابة هو الرجوع عن كل شئ مما سوى الله، والاقبال على الله تعالى بالسر والقبول والفعل، حتى يكون دائما في فكره وذكره وطاعته، فهو غاية درجات التوبة وأقصى مراتبها، إذ التوبة هو الرجوع عن الذنب إلى الله، والإنابة هو الرجوع عن المباحات أيضا إليه سبحانه، فهو من المقامات العالية والمنازل السامية. قال الله سبحانه: