الشهداء (ع): (كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك، ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك، عميت عين لا تراك عليها رقيبا، وخسرت صفقة عبد لهم تجعل من حبك نصيبا). وقال (ع) أيضا: (تعرفت لكل شئ فما جهلك شئ) وقال:
(وأنت الذي تعرفت إلي في كل شئ، فرأيتك ظاهرا في كل شئ، وأنت الظاهر لكل شئ) (33). وأمثال ذلك مما ورد عنهم - عليهم السلام - أكثر من أن تحصى.
فصل الطريق إلى الرؤية واللقاء الطريق إلى تحصيل محبة الله وتقويتها ثم استعداد الرؤية واللقاء أمران أحدهما - تطهير القلب من شواغل الدنيا وعلائقها، والتبتل إلى الله بالذكر والفكر، ثم إخراج حب غير الله من القلب، إذ القلب مثل الإناء الذي لا يسع الماء - مثلا - ما لم يخرج منه الخل. وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، وكمال الحب في أن يحب الله بكل قلبه، وما دام يلتفت إلى غيره فزاوية من قلبه مشغولة بغيره، وبقدر ما يشتغل بغير الله ينقص منه حب الله إلى أن يكون التفاته إلى الغير من حيث أنه صنع الله - تعالى وفعله ومظهر من مظاهر أسماء الله - تعالى -، وإلى التجريد والتفريد الإشارة بقوله تعالى:
(قل الله ثم ذرهم) (34) وثانيهما - تحصيل معرفة الله وتقويتها وتوسيعها وتسليطها على القلب والأول، أعني قطع العلائق، بمنزلة تنقية الأرض من الحشائش، والثاني أي المعرفة، بمنزلة البذر فيها، ليتولد منه شجر المحبة.
ثم لتحصيل المعرفة طريقان:
أحدهما - الأعلى، وهو الاستدلال بالحق على الخلق، وذلك بأن