فصل طريق تحصيل الصبر الطريق إلى تحصيل الصبر: تقوية باعث الدين، وتضعيف باعث الهوى والأول: إنما يكون بأمور:
الأول - أن يكثر فكرته فيما ورد من فضل الصبر وحسن عواقبه في الدنيا والآخرة، وأن يعلم أن ثواب الصبر على المصيبة أكثر مما فات، وإنه بسبب ذلك مغبوط بالمصيبة، إذ فاته ما لا يبقى معه إلا مدة الحياة في الدنيا، وحصل له ما يبقى بعد موته أبد الدهر، فيجازى على المدة القصيرة الفانية بالمدة الطويلة الخالدة، وعلى الغاية القريبة الزائلة بالغاية المديدة الباقية. ومن أسلم خسيسا في نفيس، فلا ينبغي أن يحزن بفوات الخسيس في الحال.
الثاني - أن يتذكر قلة قدرة الشدة الدنيوية ووقتها واستخلاصه عنها عن قريب، مع بقاء الأجر على الصبر عليها.
الثالث - أن يعلم أن الجزع قبيح مضر بالدين والدنيا، ولا يفيد ثمرة إلا حبط الثواب وجلب العقاب، كما قال أمير المؤمنين (ع): (أن صبرت جرت عليك المقادير وأنت مأجور، وإن جزعت جرت عليك المقادير وأنت مأزور الرابع - أن يعود مصارعة هذا الباعث باعث الهوى تدريجا حتى يدرك لذة الظفر بها فيتجرى عليها، ويقوى متنه في مصارعتها. فإن الاعتياد والممارسة للأعمال الشاقة يؤكد القوى التي تصدر منها تلك الأعمال. ولذا تزيد قوة الممارسين للأعمال الشاقة - كالحمالين والفلاحين - على قوة التاركين لها فمن عود نفسه مخالفة الهوى غلبه مهما شاء وأراد.
وأما الثاني: أعني تضعيف الهوى، إنما يكون بالمجاهدة والرياضة، من الصوم والجوع وقطع الأسباب المهيجة لشهوة من النظر إلى مظانها وتخيلها، وبالتسلية بالمباح من الجنس الذي يشتهيه بشرط ألا يخرج عن القدر المشروع.