أذى أحتمله وخسران أصابه ثواب، فلا يضيع منه شئ عند الله.
السادس - أن يستحسن خلقه، ويطيب كلامه، ويكثر تواضعه، ويجتنب سوء الخلق والغلظة في الكلام، والرفث والفسوق والجدال، والرفث اسم جامع لكل فحش ولغو وخنى، والفسوق اسم جامع لكل خروج عن طاعة الله، والجدال هو المبالغة في الخصومة والمماراة بما يورث الضغائن، ويفرق الهم ويناقض حسن الخلق. قال رسول الله (ص): (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) فقيل: يا رسول الله، ما بر الحج؟ قال: (طيب الكلام وإطعام الطعام). فلا ينبغي أن يكون كثير الاعتراض على رفيقه وجماله، وعلى غيرهما من أصحابه، بل يلين جانبه، ويخفض جناحه للسائرين إلى بيت الله، ويلزم حسن الخلق، وليس حسن الخلق مجرد كف الأذى، بل احتمال الأذى، وقيل: سمي السفر سفرا، لأنه يسفر عن أخلاق الرجال.
السابع - أن يكون أشعث أغبر، غير متزين ولا مائل إلى أسباب التفاخر والتكاثر، فيكتب في المتكبرين ويخرج عن حزب الضعفاء والمساكين، ويمشي أن قدر خصوصا بين المشاعر. وفي الخبر: (ما عبد الله بشئ أفضل من المشي). وينبغي ألا يكون الباعث للمشي تقليل النفقة، بل التعب والرياضة في سبيل الله، ولو كان القصد تقليل النفقة مع اليسار، فالركوب أفضل. وكذا الركوب أفضل لمن ضعف بالمشي، وساء خلقه، وقصر في العمل، ففي الخبر: (تركبون أحب إلي، فإن ذلك أقوى على الدعاء والعبادة). وكان الحسين بن علي عليهما السلام يمشي وتساق معه المحامل والرحال. وإذا حضرت الراحلة ليركبها، فليشكر الله تعالى بقلبه على تسخيره له الدواب، للتحمل عنه الأذى، وتخف عنه المشقة. وينبغي أن يرفق بها، فلا يحملها ما لا تطيق.
فصل الميقات إذا خرج عن وطنه، ودخل إلى البادية، متوجها إلى الميقات، وشاهد العقبات، فليتذكر فيها ما بين الخروج من الدنيا بالموت إلى الميقات يوم القيامة، وما بينهما من الأهوال والمطالبات، وليتذكر من هول قطاع الطريق