ذممت نفسك وأنت تمدحها على الحقيقة " (4) فصل طوائف المغرورين إعلم أن فرق المغترين كثيرة، وجهات غرورهم ودرجاته مختلفة، وما من طائفة في العالم مشتركين في وصف مجتمعين على أمر، إلا ويوجد فيهم فرق من المغترين. إلا أن بعض الطوائف كلهم مغترون، كالكفار والعصاة والفساق، وبعضهم يوجد فيهم المغرور وغير المغرور، وإن كان معظم كل طائفة أرباب الغرور. ونحن نشير إلى مجاري الغرور، وإلى غرور كل طائفة، ليتمكن طالب السعادة من الاحتراز عنه، إذ من عرف مداخل الآفات والفساد ومجاريهما يمكنه أن يأخذ منها حذره ويبني على الجزم والبصيرة أمره. فنقول:
الطائفة الأولى الكفار وهم مغرورون بأسرهم، وهم ما بين من غرته الحياة الدنيا، وبين من غره الشيطان بالله، وأما الذين غرتهم الحياة الدنيا، فباعث غرورهم قياسان نظمهما الشيطان في قلوبهم (أولهما) أن الدنيا نقد والآخرة نسيئة، والنقد خير من النسيئة (وثانيهما) أن لذات الدنيا يقينية ولذات الآخرة مشكوكة فيها،. اليقيني خير من المشكوك، فلا يترك به. وهذه أقيسة فاسدة، تشبه قياس إبليس، حيث قال:
(أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) (5) وعلاج هذا الغرور - بعد تحصيل اليقين بوجود الواجب تعالى وبحقية النبي (ص)، وهو في غاية السهولة لوضوح الطرق والأدلة - إما أن يتبع مقتضى إيمانه ويصدق الله تعالى في قوله:
(ما عندكم ينفذ وما عند الله باق) (6). وفي قوله تعالى (والآخرة خير