بحضرة الناس أو بحيث اطلعوا عليه، كبر ذنبه، وذلك كلبسه الذهب والإبريسم وأخذه مال الشبهة، وإطلاقه اللسان في أعراض الناس، ونحو ذلك. فهذه ذنوب يقتدي العالم فيها ويتبع عليها، فيموت ويبقى شره مستطيرا في العالم، فطوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه، وفي الخبر: (من سن سنة سيئة فعليه وزرها من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شئ) قال الله تعالى (ونكتب ما قدموا وآثارهم) (18).
والآثار: ما يلحق الأعمال بعد انقضاء العمل. فعلى العالم وظيفتان: إحداهما ترك الذنب، والأخرى - إخفاءه، وكما تتضاعف أوزار العالم على السيئات إذا اتبع فيها، فكذلك يتضاعف ثوابه على الحسنات إذا اتبع.
فصل شروط كمال التوبة يشترط في تمام التوبة وكمالها بعد تدارك كل معصية بما مر: من طول الندم، وقضاء العبادات، والخروج عن مظالم العباد، وطول البكاء والحزن والحسرة، وإسكاب الدموع، وتقليل الأكل، وارتياض النفس، ليذوب عن بدنه كل لحم نبت من الأغذية المحرمة والمشتبهة، قال أمير المؤمنين (ع) لمن قال بحضرته: أستغفر الله: (ثكلتك أمك! أتدري ما الاستغفار؟ إن الاستغفار درجة العليين، وهو اسم واقع على ستة معاني: أولها: الندم على ما مضى، والثاني: العزم على ترك العود عليه أبدا، والثالث: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة، والرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها تؤدي حقها، والخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ منها لحم جديد، والسادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك نقول: استغفر الله)، فصل هل يصح التبعيض في التوبة إعلم أن التوبة عن بعض الذنوب دون بعض ممكن ويصح، بشرط ألا