وجعلها أوقاتا شريفة، لعباده ليقربهم من جواره، ويبعدهم من عذابه وناره وحثهم فيها على الإقبال بصالح الأعمال، وتلافي ما فرط منهم في بقية الأيام والشهور من الإهمال. فلا جرم وجب الاهتمام بصلاتها زيادة على سائر الصلوات من التهيؤ والاستعداد للقاء الله، والوقوف بين يديه، والمثول في حضرته، والفوز بمخاطبته. فليجتهد بعد الاتيان بالوظائف الظاهرة، من التنظيف والتطييب، والتعمم وحلق الرأس، وقص الشارب والأظفار وغير ذلك من السنن في تخليص النية، وإحضار القلب، وإكثار الخشوع والابتهال إلى الله تعالى في صلاته وينبغي أن يحضر قلبه في العيدين من قسمة الجوائز وتفرقة الرحمة، وإضافة المواهب فيها على من قبل صومه وقربانه وقام بوظائفهما، فليكبر في صلاتهما وقبلها وبعدها في قبول أعماله والعفو عن تقصيراته، وليستشعر الخجلة والحياء من خسران الرد، وخذلان الطرد، فتخسر صفقته، وتظهر بعد ذلك حسرته، فيفوز الفائزون، ويسبق السابقون، وينجو المخلصون، وهو يكون من الخائبين الخاسرين.
فصل ما ينبغي للمؤمن عند ظهور الآيات إذا ظهرت الآيات، من الكسوف والخسوف والزلازل وغيرها، ينبغي لكل مؤمن من أن يستحضر عندها أهوال الآخرة وزلازلها، وتكور الشمس والقمر وظلمة القيامة، ووجل الخلائق، وخوفهم من الأخذ والنكال والعقوبة والاستيصال، فيكثر في صلاتها من الدعاء والابتهال بمزيد الخضوع والخشوع والهيبة والخوف في النجاة من تلك الشدائد ورد النور بعد الظلمة والمسامحة على الهفوة، وينبغي أن يكون منكسر النفس، مطرق الرأس، مستحيا من التقصير، مستشعرا بقلبه عظمة الله وجلاله. وبالجملة: حصول الخوف والخشية، والمبادرة إلى التضرع والابتهال، وأداء الصلاة بالاقبال والخشوع عند ظهور الآيات، من شعار أهل الإيمان. قال سيد الساجدين عليه السلام: (لا يفرغ للآيتين ولا يرهب، إلا من كان من شيعتنا، فإن كان ذلك منهما، فافزعوا إلى الله وراجعوه). وقال الرضا (ع) (إنما جعلت للكسوف صلاة لأنه من آيات الله تعالى، ولا يدري ألرحمة ظهرت