وأبقى (7). وقوله (وما عند الله خير وأبقى) (8). وقوله: (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) (9). وقوله تعالى: (فلا تغرنكم الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) (10.
وإما أن يعرف بالبرهان فساد القياسين، حتى يزول عن نفسه ما تأديا إليه من الغرور. وطريق معرفة الفساد في (القياس الأول): أن يتأمل في أن كون الدنيا نقدا والآخرة نسيئة صحيح، إلا أن كون كل نقد خير من النسيئة غير صحيح، بل هو محل التلبيس، إذ المسلم خيرية النقد على النسيئة إن كان مثلها من المقدار والمنفعة والمقصود والبقاء، وأما إن كان أقل منها في ذلك وأدون، فالنسيئة خير، ألا ترى أن هذا المغرور إذا حذره الطبيب من لذائذ الأطعمة يتركها في الحال خوفا من ألم المرض في الاستقبال ويبذل درهما في الحال ليأخذ درهمين نسيئة، ويتعب في الأسفار ويركب في الحال لأجل الراحة والربح نسيئة. وقس عليه جميع أعمال الناس وصنائعهم في الدنيا: من الزراعة والتجارة والمعاملات، فإنهم يبذلون فيها المال نقدا ليصلوا إلى أكثر منه نسيئة، فإن كان عشرة في ثاني الحال خيرا من واحد في الحال، فانسب لذة الدنيا من حيث الشدة والمدة والعدة إلى لذة الآخرة من هذه الحيثيات، فإن من عرف حقيقة الدنيا والآخرة، يعلم أنه ليس للدنيا قدر محسوس بالنسبة إلى الآخرة، على أن لذة الدنيا مكدرة مشوبة بأنواع المنغصات، ولذة الآخرة صافية غير ممتزجة بشئ من المكدرات وأما طريق معرفة فساد (القياس الثاني) بأصلية: هو أن يعرف أن كون لذة الآخرة مشكوكا فيها خطأ، وأن كل يقتني خير من المشكوك غلط: (أما الأول) فلأن الآخرة يقينية قطعية عند أهل البصيرة. وليقينهم مدركان: - أحدهما - ما يدركه عموم الخلق، وهو اتفاق عظماء الناس