فوقه نظام، ولو تغير جزء منه على ما هو اختلت الأصلحية والخيرية، وعرف الله بالربوبية، وعرف نفسه بالعبودية، يعلم أن السخط والإعراض وعدم الرضا بالشئ مما يرد، ويكون غاية الجهل والخطر، ولذلك لم يكون أحد من الأنبياء أن يقول قط في أمر: ليت كان كذا، حتى قال بعض أصحاب النبي (ص): (خدمت رسول الله (ص) عشر سنين، فما قال لي لشئ فعلته: لما فعلت، ولا لشئ لم أفعله لم لم تفعله، ولا قال في شئ كان:
ليته لم يكن، ولا في شئ لم يكن: ليته كان، وكان إذا خاصمني مخاصم من أهله، يقول: دعوه، لو قضى شئ لكان). وروي: (أن آدم (ع) كان بعض أولاده الصغار يصعدون على بدنه وينزلون، ويجعل أحدهم رجليه على أضلاعه كهيئة الدرج، فيصعد إلى رأسه، ثم ينزل على أضلاعه كذلك وهو مطرق إلى الأرض لا ينطق، ولا يرفع رأسه، فقال له بعض ولده:
يا أبت! أما ترى ما يصنع هذا بك؟ لو نهيته عن هذا، فقال: يا بني!
أني رأيت ما لم تروا، وعلمت ما لم تعلموا، أني تحركت حركة واحدة فأهبطت من دار الكرامة إلى دار الهوان، ومن دار الشقاء، فأخاف أن أتحرك حركة أخرى فيصيبني ما لا أعلم) (9).
فصل الرضا - فضيلة الرضا - رضا الله - رد إنكار تحقق الرضا - هل يناقض الدعاء ونحوه الرضا - طريق تحصيل الرضا - التسليم.
ضد السخط (الرضا)، وهو ترك الاعتراض والسخط باطنا وظاهرا قولا وفعلا، وهو من ثمرات المحبة ولوازمها، إذ المحب يستحسن كلما يصدر عن محبوبه، وصاحب الرضا يستوي عنده الفقر والغنا، والراحة والعناء، والبقاء والفناء، والعز والذل، والصحة والمرض، والموت والحياة ولا يرجح بعضها على بعض، ولا يثقل شئ منها على طبعه، إذ يرى صدور الكل من الله - سبحانه -، وقد رسخ حبه في قلبه، بحيث يحب أفعاله ويرجح على مراده مراده - تعالى -، فيرضى لكل ما يكون ويرد، وروي: (أن واحدا من أرباب الرضا عمر سبعين سنة، ولم يقل