((صاحب النية الصادقة صاحب القلب السليم، لأنه سلامة القلب من هواجس المحذورات بتخليص النية لله في الأمور كلها، قال الله - عز وجل -:
(يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم) (47).
ثم النية تبدو من القلب على قدر صفاء المعرفة وتختلف على حسب اختلاف الأوقات في معنى قوته وضعفه، وصاحب النية الخالصة نفسه وهواه مقهورتان تحت سلطان تعظيم الله - تعالى - والحياء منه، وهو من طبعه وشهوته ومنيته نفسه، في تعب، والناس منه في راحة) ((48).
فصل النية روح الأعمال، والجزاء بحسبها النية روح الأعمال وحقيقتها، والجزاء يكون حقيقة عليها، فإن كانت خالصة لوجه الله - تعالى - كانت ممدوحة، وكان جزاؤها خيرا وثواب، وأن كانت مشوبة بالأغراض الدنيوية كانت مذمومة، وكان جزاؤها شرا وعقابا، قال الله - سبحانه -:
(ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) (49).
والمراد بالإرادة: النية، لترادفهما - كما تقدم -. وأوحى الله إلى داود: (يا داود! لا تطاول على المريدين، لو علم أهل محبتي منزلة المريدين عندي لكانوا لهم أرضا يمشون عليها، يا داود! لئن تخرج مريدا من كربة هو فيها تستعده، كتبتك عندي حميدا، ومن كتبته حميدا لا يكون عليه وحشة ولا فاقة إلى المخلوقين). وقال رسول الله (ص): (أنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى الدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)، وأنما قال ذلك حين قيل له: أن بعض المهاجرين