الحريص، الراضي بدنياه، المطمئن إليها، ولكن أنزل نفسك من ذلك بمنزلة المنصف المتعفف، ترفع نفسك عن منزلة الواهن الضعيف، وتكتسب ما لا بد منه، إن الذين أعطوا المال ثم لم يشكروا لا مال لهم). وقال (ع): (إذا فتحت بابك، وبسطت بساطك، فقد قضيت ما عليك).
فصل اعقل وتوكل إعلم أن التوكل لا يبطل بالأسباب المقطوعة والمظنونة، مع أن الله قادر على إعطاء المطلوب بدون ذلك، لأن الله - سبحانه - ربط المسببات بالأسباب، وأبى أن يجري الأشياء إلا بالأسباب. ولذا لما أهمل الأعرابي بعيره، وقال: توكلت على الله، قال له النبي (ص): اعقلها وتوكل) وقال الصادق (ع): أوجب الله لعباده أن يطلبوا منه مقاصدهم بالأسباب التي سببها لذلك وأمرهم بذلك) وقال الله تعالى:
(خذو حذركم (37). وقال في كيفية صلاة الخوف: (وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم) 28 وقال: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قود ومن رباط الخيل) 39. وقال لموسى: (فاسر بعبادي ليلا) 40 والتحصين بالليل اختفاء عن أعين الأعداء دفعا للضرر.
وفي الإسرائيليات: إن موسى بن عمران (ع) اعتل بعلة، فدخل عليه بنو إسرائيل، فعرفوا علته، فقالوا له: لو تداويت بكذا لبرئت، فقال لا أتداوى حتى يعافني الله من غير دواء. فطالت علته، فأوحى الله إليه:
وعزتي وجلالي! لا أبرؤك حتى تتداوى بما ذكروه لك. فقال لهم داووني بما ذكرتم فداووه فبرئ. فأوجس في نفسه من ذلك فأوحى الله تعالى إليه: أردت أن تبطل حكمتي بتوكلك على، فمن أودع العقاقير منافع الأشياء غيري؟) وروي: (أن زاهدا من الزهاد، فارق الأمصار وأقام في سفح جبل، فقال لا أسأل شيئا حتى يأتيني ربي برزقي. فقعد سبعا، فكاد