فصل ما ينبغي عند استلام الحجر ينبغي أن يتذكر عند استلام الحجر الأسود، أنه بمنزلة يمين الله في أرضه، وفيه مواثيق العباد. قال رسول الله (ص): (استلموا الركن، فإنه يمين الله في خلقه، يصافح بها خلقه مصافحة العبد أو الدخيل، ويشهد لمن استلمه بالموافاة) ومراده (ص) بالركن: الحجر الأسود لأنه موضوع فيه، وإنما شبه باليمين لأنه واسطة بين الله وبين عباده في النيل والوصول والتحبب والرضا، كاليمين حين التصافح. وقال الصادق (ع) (إن الله تبارك وتعالى لما أخذ مواثيق العباد، أمر الحجر فالتقمها، فلذلك يقال: أمانتي أديتها، وميثاقي عاهدته، لتشهد لي بالموافاة). وقال (ع) (الركن اليماني باب من أبواب الجنة لم يغلقه الله منذ فتحه). وقال (ع) (الركن اليماني بابنا الذي يدخل منه الجنة، وفيه نهر من الجنة تلقى فيه أعمال العباد)، قيل: إنما شبه بباب الجنة لأن استلامه وسيلة إلى وصولها وبالنهر، لأنه تغسل به الذنوب ثم لتكن النية في الاستلام والالتصاق بالمستجار، بل المماسة لكل جزء من البيت، طلب القرب حبا وشوقا للبيت ولرب البيت، وتمسكا وتبركا بالمماسة ورجاء للتحصن عن النار في كل جزء لا في البيت، ولتكن نيته في التعلق بأستار البيت الالحاح في طلب المغفرة وسؤال الأمان، كالمقصر المتعلق بثياب من قصر في حقه، المتضرع إليه في عفوه عنه المظهر له أنه لا ملجأ منه إلا إليه، ولا مفزع إلا عفوه وكرمه، وإنه لا يفارق ذيله حتى يعفو عنه، ويعطيه الأمان في المستقبل.
فصل السعي السعي بين الصفا والمروة في فناء البيت يضاهي تردد العبد بفناء دار الملك جائيا وذاهبا مرة بعد أخرى، إظهار للخلوص في الخدمة، ورجاء للملاحظة بعين الرحمة، كالذي دخل على الملك وخرج، وهو لا يدري ما الذي يقضي به الملك في حقه من قبول أو رد، فلا يزال يتردد على فناء الدار مرة بعد