أحدهما - التقييد ببعض المراتب، بأن يقال: المراد أن بعض مراتب الصبر أفضل من بعض مراتب الشكر. وهذا مما لا ريب فيه، فإن من سلب أعز أولاده وابتلي بالفقر والمرض، ومع ذلك صبر ولم يجزع، فهو أفضل البتة ممن أعطي مالا كثيرا فقال: شكرا لله، الحمد لله، من دون إبداء عمل آخر من الطاعات لا وليس المراد أن كل ما يسمى صبرا أفضل من كل درجة من درجات الشكر. إذ البديهة حاكمة بأن الشكر على نعمة بالاشتغال بالطاعة والعبادات، وترك المعاصي سنين كثيرة متتالية، من دون فتور، أفضل وأعلى رتبة من منع النفس عن الجزع لأجل عشرة دراهم سرقت منه.
وثانيهما - التقييد بخروجها على ما هو الظاهر عند جمهور الناس من الانفكاك بين الصبر والشكر. فإن الجمهور لا يفهمون من حبس النفس عن الجزع عند الابتلاء ببلية إلا الصبر، ولا يلتفتون إلى أن هذا الحبس نوع عبادة حصلت تعظيما لله، وهو عين الشكر. وكذا لا يفهمون من إظهار التحميد والاشتغال بالصلاة عند وصول نعمة إلا الشكر، ولا يلتفتون إلى أن هذا العمل عين منع النفس عن الكفران، وهو الشكر بعينه.
ومنها:
الفسق وهو الخروج عن طاعة المبدأ الحقيقي وعبادته. وضده الطاعة، وهي تمجيد المبدأ والتخضع له بأداء ضروب العبادات المقررة في الشريعة. وعمدة العبادات الموظفة في الشريعة هي: الطهارة، والصلاة، والذكر، والدعاء، وتلاوة القرآن، والصوم، والحج، وزيارة النبي (ص) والأئمة عليهم السلام: والجهاد في سبيل الله، وأداء المعروف، الشامل للزكاة، والخمس، والصدقة المندوبة، وغيرها. والأخير - أعني أداء المعروف بأقسامه - قد تقدم. والجهاد في هذا الزمان ساقط. فنشير إلى بعض الأسرار والدقائق والآداب الباطنة المتعلقة بالبواقي، في مقاصد وخاتمة. وأما آدابها وأحكامها وشرائطها الظاهرة، فهي مذكورة في الفقهيات.
المقصد الأول الطهارة - حقيقة الطهارة - ما ينبغي للمؤمن في الطهارة - إزالة