وصل قصر الأمل ضد طول الأمل قصره، وهو من شعار المؤمنين ودثار الموقنين، ولذ ا ورد في الأمر به والنهي عن ضده ما ورد، قال رسول الله (ص): (إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من دنياك لآخرتك، ومن حياتك لموتك، ومن صحتك لسقمك، فإنك لا تدري ما اسمك غدا). وقال (ص) بعدما ما سمع أن أسامة اشترى وليدة بمائة دينار إلى شهر: (إن أسامة لطويل الأمل، والذي نفسي بيده!
ما طرقت عيناي إلا ظننت أن شفري لا يلتقيان حتى يقبض الله روحي، ولا رفعت طرفي فظننت أني واضعه حتى أقبض، ولا لقمت لقمة إلا ظننت أني لا أسيغها حتى أغص بها من الموت)، ثم قال: (يا بني آدم! إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى، والذي نفسي بيده! أن ما توعدون الآن وما أنتم بمعجزين) وروي: (أنه (ص) قد اطلع ذات عشية إلى الناس، فقال: أيها الناس! أما تستحيون من الله تعالى؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله! قال: تجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون، وتبنون ما لا تسكنون). (وقال) ص): أكلكم يحب أن يدخل الجنة؟ قالوا: نعم يا رسول الله! قال: قصروا من الأمل، واجعلوا آجالكم بين أبصاركم، واستحيوا من الله حق الحياة). وكان (ص) يقول في دعائه: (اللهم إني أعوذ بك من دنيا تمنع خير الآخرة، وأعوذ بك من حياة تمنع خير الممات، وأعوذ بك من أمل يمنع خير العمل). وكان (ص) يتيمم مع القدرة على الماء قبل مضي ساعة ويقول لعلي لا أبلغه. وقال عيسى (ع):
(لا تهتموا برزق غد، فإن لم يكن غدا من آجالكم فستأتي أرزاقكم مع آجالكم، وإن لم يكن غدا من آجالكم فلا تهتموا لأرزاق غيركم).
فصل اختلاف الناس في طول الأمل الناس في طول الأمل وقصره مختلفون: (فمنهم) من يأمل البقاء ويشتهيه أبدا، كما قال الله - سبحانه -: