شهد على المنافقين في قولهم: أن النبي رسول الله. وإن كان هواك أغلب عليك من أمر الله - تعالى - وأنت أطوع له منك لله ولأمره فقد اتخذته إلهك وكبرته، فيوشك، أن يكون قولك (الله أكبر) كلاما باللسان المجرد وقد تخلف القلب عن مساعدته، وما أعظم الخطر في ذلك، لولا التوبة والاستغفار وحسن الظن بكرمه - تعالى - وعفوه. قال الصادق (ع):
فإذا كبرت فاستصغر ما بين السماوات العلا والثرى دون كبريائه، فإن الله - تعالى - إذا اطلع على قلب العبد وهو يكبر، وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره، قال: يا كذاب أتخدعني؟! وعزتي وجلالي! لأحرمنك حلاوة ذكري، ولأحجبنك عن قربي والمسرة بمناجاتي!) (30) فاعتبر أنت قلبك حين صلاتك، فإن كنت تجد حلاوتها وفي نفسك سرورها وبهجتها وقلبك مسرور بمناجاته، وملتذ بمخاطباته، فاعلم أنه - تعالى - قد صدقك في تكبيرك، وإن سلبت لذة المناجاة، وحرمت حلاوة العبادة، فاعلم أنه تعالى كذبك في تكبيرك، وطردك عن بابه، وأبعدك عن جنابه، فابك على نفسك بكاء الثكلى، وبادر إلى العلاج قبل أن تدركك الحسرة العظمى.
فصل دعاء الاستفتاح وأما دعاء الاستفتاح، فأول كلماته: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض)، ومعلوم أن المراد بالوجه هنا وجه القلب دون الوجه الظاهر، لأن الله سبحانه منزه عن الأمكنة والجهات حتى توجه إليه الوجه الظاهر. فأنت تدعي في هذا الكلام أن قلبك متوجه إلى فاطر السماوات والأرض، فإياك أن يكون أول مفاتحتك للمناجاة بالكذب والاختلاق، إذ لو كان قلبك متوجها إلى أمانيه، وهمه في البيت والسوق أو واقعا في أودية الوساوس، أو كان غافلا، لم يكن مقبلا على الله متوجها إليه، وكنت كاذبا في أول مخاطبتك مع ربك. فأجتهد أن ينصرف قلبك عما سواه، وتقبل عليه في هذا الوقت، وإن عجزت عنه على الدوام، لئلا تكون كاذبا في أول كلامك. وإذا قلت: (حنيفا مسلما)، فأخطر