الدنيوية. وقد تقدم تفصيل القول فيها وفي طريق علاجها في بحث الوساوس.
فصل أسرار الصلاة في تحصيل كل واحد من شروط الصلاة وأفعالها وأركانها أسرار وتنبيهات، فينبغي للمؤمن المريد للآخرة ألا يغفل عنها، فها هي نذكرها:
أما الأذان: فإذا سمعت نداء المؤذن، فأخطر في قلبك هول النداء يوم القيامة، وتشمر بباطنك وظاهرك للإجابة والمسارعة، فإن المسارعين إلى هذا النداء هم الذين ينادون باللطف يوم العرض الأكبر، فأعرض قلبك على هذا النداء، فإن وجدته مملوءا بالفرح والاستبشار، مشحونا بالرغبة إلى الابتداء، فاعلم أنه يأتيك النداء بالبشرى والفوز يوم القضاء، ولذلك قال سيد الأنبياء: (أرحنا يا بلال!) أي أرحنا بها وبالنداء إليها، إذا كانت قرة عينه فيها. واعتبر بفصول الأذان وكلماته كيف افتتحت بالله واختتمت بالله، واعتبر بذلك أن الله جل جلاله هو الأول والآخر والظاهر والباطن، ووطن قلبك بتعظيمه عند سماع التكبير، واستحقر الدنيا وما فيها لئلا تكون كاذبا في تكبيرك، وأنف عن خاطرك كل معبود سواه بسماع التهليل.
وأحضر النبي (ص)، وتأدب بين يديه، وأشهد له بالرسالة مخلصا، وصل عليه وآله وحرك نفسك، واسع بقلبك وقالبك عند الدعاء إلى الصلاة، وما يوجب الفلاح، وما هو خير الأعمال وأفضلها. وجدد عهدك بعد ذلك بتكبير الله وتعظيمه، واختمه بذلك كما افتتحت به، واجعل مبدءك منه، وعودك إليه، وقوامك به، واعتمادك على حوله وقوته. فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فصل الوقت وإذا دخل الوقت، استحضر أنه ميقات جعله الله لك، لتقوم فيه بخدمته، وتتأمل للمثول في حضرته، والفوز بطاعته، وليظهر على قلبك السرور، وعلى وجهك البهجة عند دخوله، لكونه سببا لقربك ووسيلة إلى فوزك. فاستعد له بالطهارة والنظافة، ولبس الثياب الصالحة للمناجاة،