الذنوب، ومن تناول السم وندم إذا وجب عليه أن يتقيأ ويرجع عن تناوله بإخراجه عن المعدة، فتناول سموم الإيمان وهي الذنوب أولى بأن يجب عليه الرجوع عنها بالتدارك الممكن ما دام مهلة التدارك.
فالبدار البدار معاشر إخواني إلى التوبة! قبل أن تعمل سموم الذنوب بروح إيمانكم عملا لا ينفع بعده الاحتماء، ويخرج الأمر فيه عن أيدي أطباء القلوب، فلا ينفع حين إذ وعظ الواعظين ونصح الناصحين، وتحق عليكم كلمة العذاب. وتدخلون تحت عموم قوله - تعالى -:
(وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) (44) وقوله تعالى (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة) (45)... وغير ذلك من الآيات.
ثم مقتضى الأدلة المذكورة: كون التوبة على الفور، فيجب على كل مسلم أن يتوب عن ذنوبه فورا، ولا يجوز له التأخير. قال لقمان لابنه:
(يا بني! لا تؤخر التوبة، فإن الموت يأتي بغتة). ومن ترك المبادرة إلى التوبة بالتسويف كان بين خطرين عظيمين: - أحدهما - أن تتراكم الظلمة على قلبه من المعاصي حتى يصير دينا وطبعا فلا يقبل المحو - والثاني - أن يعالجه المرض أو الموت فلا يجد مهلة للاشتغال بالمحو. ولذلك ورد: أن أكثر صياح أهل النار من التسويف، فما هلك من هلك إلا بالتسويف.
فصل عموم وجوب التوبة وجوب التوبة يعم الأشخاص والأحوال، فلا ينبغي أن ينفك عنه أحد في حالة، قال الله تعالى -:
(وتوبوا إلى الله جميعا) (46).
وهو يعم الكل في الكل. ومما يدل على وجوبها على الكل: إن كل فرد من أفراد الناس إذا بلغ سن التمييز والتكليف قام القتال والنزاع في مملكة