من الأمراء والحكام، كيف تجتهد وتسعى في تجويدها وتحسينها ليقبلها، فما بالك أيها المغرور تغفل وتتساهل من تحسين هديتك وتحفتك إلى ملك الملوك الذي منه بدؤك وإليه عودك؟! وقد ورد: أن كل صلاة لا يتم الإنسان ركوعها وسجودها فهي الخصم الأول على صاحبها يوم العرض الأكبر، وتقول (ضيعك الله كما ضيعتني!) فصل حقيقة الصلاة لا بحث لنا عما يتعلق بظاهرها من الأجزاء والشرائط والأحكام، إذ بيانها على عهدة الفقه فالنشر إلى المعاني الباطنة التي بها تتم حياتها، وإلى الأسرار والآداب الخفية الباطنة المتعلقة بأجزائها وشرائطها الظاهرة، لتكون ملحوظة للعبد عن فعلها.
فنقول: المعاني الباطنة التي هي روح الصلاة وحقيقتها، سبعة:
الأول - الإخلاص والقربى، وخلوها من شوائب الرياء. وقد تقدم تفصيل القول في ذلك.
الثاني - حضور القلب: وهو أن يفرغ القلب من غير ما هو ملابس له ومتكلم به، حتى يكون العلم مقرونا بما يفعله وما يقوله، من غير جريان الفكر في غيرها. فمهما انصرف الفكر عن غير ما هو فيه، وكان في قلبه ذكر لما هو فيه من غير غفلة عنه، فقد حصل حضور القلب. ثم حضور القلب قد يعبر عنه بالاقبال على الصلاة والتوجه، وقد يعبر عنه بالخشوع بالقلب فإن الخشوع في الصلاة خشوعان: خشوع القلب: وهو أن يتفرغ لجمع الهمة لها، والإعراض عما سواه، بحيث لا يكون في قلبه غير المعبود.
وخشوع بالجوارح: وهو أن يغض بصره، ولا يلتفت، ولا يعبث، ولا يتثائب، ولا يتمطى، ولا يفرقع أصابعه وبالجملة: لا يتحرك لغير الصلاة ولا يفعل شيئا من المكروهات، وربما عبر ذلك بالخضوع.
الثالث - التفهم لمعنى الكلام: وهو أمر وراء حضور القلب. فربما يكون القلب حاضرا مع اللفظ، ولا يكون حاضرا مع معناه فالمراد بالتفهم هو اشتمال القلب على العلم بمعنى اللفظ. وهذا مقام يتفاوت