فصل الركوع وأما الركوع، فينبغي أن تجدد عنه ذكر كبرياء الله، وترفع بذلك معظما له منبها على غاية عظمته وارتفاعه، وكونه أرفع من أن تصل إليه أيدي العقول والأوهام، ومستجيرا بعفوه من عقابه، وتستأنف بهويك للركوع ذلا وتواضعا وتجهد في ترقيق قلبك وتجديد خشوعك، وتستشعر ذلك وعزه، وضعفك وقوته، وعجزك وقدرته، واتضاعك وعلوه، وتستعين على تقرير ذلك في قلبك بلسانك، فتسبحه وتشهد له بالعظمة، وإنه أعظم من كل عظيم، وتكرر ذلك في قلبك لتترسخ عظمته وجلاله، ثم ترفع عن ركوعك راجيا أنه راحم ذلك، وتؤكد الرجاء في نفسك بقولك: (سمع الله لمن حمد): أي أجاب الله لمن شكره، وتتبع ذلك بالشكر المتقاضي للمزيد، فتقول: (الحمد لله رب العالمين)، ثم تزيد في التذلل والخشوع وتعظيم ربك وإجلاله، فتقول: (أهل الكبرياء والعظمة والجود والجبروت). روي (الصدوق) - رضوان الله عليه - عن أمير المؤمنين (ع): (أنه سئل عن معنى مد العنق في الركوع، فقال (ع):
تأويله: آمنت بك ولو ضربت عنقي). وقال الصادق (ع): (لا يركع عبد لله ركوعا على الحقيقة، إلا زينه الله بنور بهائه، وأظله في ظل كبريائه وكساه كسوة أصفيائه. والركوع أول، والسجود ثان. فمن أتى بمعنى الأول صلح للثاني. وفي الركوع أدب، وفي السجود قرب، ومن لا يحسن الأدب لا يصلح للقرب. فاركع ركوع خاشع لله عز وجل بقلبه، متذلل وجل تحت سلطانه، خافض له بجوارحه خفض خائف حزن على ما يفوته من فائدة الراكعين) (1). وحكي: (أن ربيع بن خيثم، كان يسهر بالليل إلى الفجر في ركعة واحدة، فإذا هو أصبح، فزفر وقال: آه! سبق المخلصون وقطع بنا). واستوف ركوعك باستواء ظهرك، وانحط عن همتك في