يغتم ويحزن لأجل رد الوديعة، كيف والحزن بردها كفران للنعمة؟ إذ أقل مراتب الشكر أن ترد الوديعة إلى صاحبها على طيب النفس، لا سيما إذا استرد الأخس - أعني الخبائث الدنيوية - وبقي الأشرف - أعني النفس وكمالاتها العلمية والعملية -، فينبغي لكل عاقل ألا يعلق قلبه بالأمور الفانية، حتى لا يحزن بفقدها. قال سقراط: (إني لم أحزن قط، إذ ما أحببت قط شيئا حتى أحزن بفوته، ومن سره ألا يرى ما يسوؤه، فلا يتخذ شيئا يخاف له فقدا).
ومنها:
عدم الاعتماد أو ضعفه في أموره على الله، والوثوق بالوسائط، والنظر إليها فيها.
وسببه: إما ضعف اليقين أو ضعف القلب، أو كلاهما. فهو من رذائل الإيمان، بل هو من شعب الشرك. ولذا ورد في ذمة من الآيات والأخبار ما ورد، قال الله - سبحانه -:
(إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم) (26) وقال: (إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه) (27) وقال: (ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون) (28) وفي أخبار داود (ع): (ما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي عرفت ذلك من نيته، إلا قطعت أسباب السماوات من يديه، وأسخطت الأرض من تحته، ولم أبال بأي واد هلك). وقال رسول الله (ص): من اغتر بالعبيد أذله الله). وقيل (مكتوب في التوراة: ملعون من ثقته بإنسان مثله). فينبغي للمؤمن أن يتخلى عنه باكتساب ضده، أعني التوكل، كما يأتي.
وصل التوكل - فضيلة التوكل - درجات للتوكل - السعي لا ينافي التوكل - الأسباب التي لا ينافي السعي إليها التوكل - اعقل وتوكل - درجات