القيام بخدمته إلا بتأييده وعونه، وفر بقلبك من وساوس الشيطان وخداعه ومكائده، فإن الله يرفع عباده بقدر تواضعهم له، ويهديهم إلى أصول التواضع والخشوع بقدر اطلاع عظمته على سرائرهم.
فصل السجود وإذا هويت إلى السجود، جدد على قلبك غاية الذل والعجز والانكسار إذ السجود أعلى درجات الاستكانة، فمكن أعز أعضائك وهو الوجه، لأذل الأشياء، وهو التراب، ولا تجعل بينهما حاجزا، بل اسجد على الأرض لأنه أجلب للخضوع، وأدل على الذل. فإذا وضعت نفسك موضع الذل وألقيتها على التراب، فاعلم أنك وضعتها موضعها، ورددت الفرع إلى أصله، فإنك من التراب خلقت، وإليه رددت. فعند هذا جدد على قلبك عظمة الله، وقل: (سبحان ربي الأعلى وبحمده) وأكده بالتكرار إذ المرة الواحدة ضعيفة الآثار، فإن رق قلبك، وطهر لبك، فليصدق رجائك في رحمة ربك، فإن رحمته تتسارع إلى موضع الذل والضعف، لا إلى محل التكبر والبطر. فارفع رأسك مكبرا ومستغفرا من ذنوبك، وسائلا حاجتك، ثم أكد التواضع بالتكرار، وعد إلى السجود ثانية كذلك. وسئل مولانا أمير المؤمنين (ع) عن معنى السجدة الأولى، قال:
(تأويلها: اللهم إنك منها خلقتنا): يعني من الأرض، وتأويل رفع رأسك: (ومنها أخرجتنا)، والسجدة الثانية: (وإليها تعيدنا، ورفع رأسك: (ومنها تخرجنا تارة أخرى). وقال مولانا الصادق (ع):
(ما خسر والله - تعالى - قط من أتى بحقيقة السجود، ولو كان في العمر مرة واحدة، وما أفلح من خلا بربه في مثل ذلك الحال شبيها بمخادع نفسه، غافل لاه عما أعد الله تعالى للساجدين من أنس العاجل وراحة الآجل، ولا بعد عن الله تعالى أبدا من أحسن تقربه في السجود، ولا قرب إليه أبدا من أساء أدبه، وضيع حرمته بتعليق قلبه بسواه في حال سجوده فاسجد سجود متواضع لله ذليل، علم أنه خلق من تراب يطأه الخلق، وإنه ركب من نطفة يستقذرها كل أحد، وكون ولم يكن، وقد جعل الله