وميل المركبات بعضها إلى بعض، كميل الحديد إلى المغناطيس، ولا لسم الكراهة والبغض على المنافرة التي بينها، كمنافرة الحجر الباغض الحل من الحل، بل يسمونها بالميل والهرب، وكذا الموافقة والمعاداة اللتين بين العجم من الحيوانات، ولا يطلقون عليها اسم الحب والبغض، بل يسمونها بالألف والنفرة فصل رد المنكرين لحب الله قد ظهر مما ذكر: ثبوت حقيقة المحبة ولوازمها من الشوق والأنس لله تعالى، وأنه المستحق للحب دون غيره، وبذلك ظهر فساد رغم من أنكر إمكان حصول محبة العبد لله - تعالى - وقال: (لا معنى لها إلا المواظبة على طاعة الله، وأما حقيقة المحبة فمحال إلا مع الجنس والمثل).
ولما أنكروا المحبة، أنكروا الأنس والشوق ولذة المناجاة وسائر لوازم الحب وتوابعه، ويدل على فساد هذا القول مضافا إلى ما ذكر إجماع الأمة على كون الحب لله ولرسوله فرضا، وما ورد في الآيات والأخبار والآثار من الأمر به والمدح عليه، وإنصاف الأنبياء والأولياء به، وحكايات المحبين، وقد بلغت من الكثرة والصراحة حدا لا يقبل الكذب والتأويل، فمن شواهد القرآن قوله تعالى:
(يحبهم ويحبونه) (22). وقوله: (والذين آمنوا أشد حبا لله) (23) وقوله - تعالى -: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وأخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم... إلى قوله -: (أحب إليكم من الله ورسوله...) إلى آخر الآية (24) وأما الأخبار الواردة والآثار، فقد قال رسول الله (ص): (لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما). وقال (ص):
الحب من شروط الإيمان). قال (ص) (أحبوا الله لما يغدوكم به من نعمة، وأحبوني لحب الله). وقد نظر (ص) إلى بعض أصحابه