وذلك مما قد يقدر عليه وقد لا يقدر عليه، وأنما قد تنبعث النفس إلى الفعل إجابة للغرض الباعث، الموافق للنفس الملائم لها، وما لم يعتقد الإنسان أن غرضه منوط بفعل من الأفعال فلا يتوجه قصده نحوها، وذلك مما لا يقدر على اعتقاده دائما، وإذا أعتقد فإنما يتوجه القلب إذا كان فارغا غير مصروف عنه بغرض شاغل أقوى منه، وذلك لا يمكن في كل وقت، والدواعي والصوارف لها أسباب كثيرة بها، تجتمع وتختلف ذلك بالأشخاص والأحوال والأعمال فإذا غلبت شهوة النكاح ولم يعتقد غرضا صحيحا في الولد لم يمكنه أن يتزوج على نية الولد، بل لا يمكن إلا على نية قضاء الشهوة، إذ النية إجابة الباعث، ولا باعث إلا الشهوة فكيف ينوي الولد، ولذا كان أهل السلوك من السلف كثيرا ما يمتنعون عن جملة من الطاعات إذا لم تحضرهم النية، وكانوا يقولون: ليس تحضرني نية، وذلك لعلمهم بأن النية روح الأعمال وقوامها، وإن العمل بغير نية صادقة رياء وتكلف وسبب مقت لا سبب قرب وروي: (أنه أتى الصادق (ع) مولى له، فسلم عليه وجلس، فلما انصرف (ع) انصرف معه الرجل، فلما انتهى إلى باب داره دخل وترك الرجل فقال له ابنه إسماعيل يا أبة! ألا كنت عرضت عليه الدخول؟ فقال: لم يكن من شأني إدخاله، قال: فهو لم يكن يدخل، قال: يا بني! إني أكره أن يكتبني الله عراضا).
تتميم الطريق في تخليص النية الطريق في تخليص النية في الطاعات تقوية أيمانه بالشرع، وتقوية أيمانه بعظم ثواب الطاعات مع خلوص النية، وإذا قوي إيمانه فربما انبعث من نفسه رغبة إلى فعل الطاعة مع خلوص النية مثلا من لم تكن له نية الولد في النكاح بل كانت نيته فيه مجرد قضاء الشهوة فينبغي له أن يقوي أيمانه بعظم ثواب من سعى في تكثير أمة محمد (ص)، ويدفع عن نفسه جميع المنفرات عن الولد، كثقل المؤونة وطول المتعب وغيره، وإذا فعل ذلك انبعث من نفسه رغبة إلى تحصيل الولد للثواب.