وصل صدق لسانك بصفاء صدق سرك، فإنه خلقك عبدا، وأمرك أن تعبده بقلبك ولسانك وجوارحك، وإن تحقق عبوديتك له وربوبيته لك وتعلم أن نواصي الخلق بيده، فليس لهم نفس ولا لحظة إلا بقدرته ومشيته وهم عاجزون عن إتيان أقل شئ في مملكته إلا بإذنه وإرادته. قال الله عز وجل:
(وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحانه الله وتعالى عما يشركون) (34).
فكن لله عبدا شاكرا بالقول والدعوة، وصل صدق لسانك بصفاء سرك، فإنه خلقك فعز وجل أن تكون إرادة ومشية لأحد إلا بسابق إرادته ومشيته، فاستعمل العبودية في الرضا بحكمته، وبالعبادة في أداء أوامره وقد أمرك بالصلاة على حبيبه محمد (ص)، فأوصل صلاته بصلاته، وطاعته بطاعته، وشهادته بشهادته، وانظر ألا تفوتك بركات معرفة حرمته فتحرم عن فائدة صلاته، وأمره بالاستغفار لك، والشفاعة فيك، إن أتيت بالواجب في الأمر والنهي والسنن والآداب، والتعلم الجليل مرتبته عند الله عز وجل) (35).
فصل التسليم وإذا فرغت عن التشهد، فاحضر بحضرة سيد المرسلين، والملائكة المقربين، وبقية أنبياء الله وأئمته - عليهم السلام - والحفظة لك من الملائكة المحصين لأعمالك، وأحضرهم جميعا في بالك. فسلم أولا على نبيك الذي هو أفضل الكل، وواسطة هدايتك وإيمانك، بقولك: ((السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته). ثم توجه إلى الجميع، وسلم عليهم بقولك:
(السلام عليكم ورحمة الله وبركاته). ولا تطلق لسانك بصيغة الخطاب من غير حضور المخاطب في ذهنك، فتكون من العابثين واللاعبين، وكيف تسمع الخطاب لمن لا يقصد، لولا فضل الله في اجتزائه بذلك عن أصل الواجب وإن كان بعيدا عن درجات القبول، منحطا عن أوج القرب والوصول. وإن