وسقمي لا يشفيه ألا طبك، وغمي لا يزيله إلا قربك، وجرحي لا يبرؤه ألا صفحك، ورين قلبي لا يجلوه إلا عفوك، ووسواس صدري لا يزيحه إلا أمرك (26). وقال الصادق (ع): (حب الله إذا أضاء على سر عبد أخلاه من كل شاغل وكل ذكر سوى الله، والمحب أخلص الناس سرا لله، وأصدقهم قولا، وأوفاهم عهدا، وأزكاهم عملا، وأصفاهم ذكرا، وأعبدهم نفسا، تتباهى الملائكة عند مناجاته، وتفتخر برؤيته، وبه يعمر الله بلاده، وبكرامته يكرم الله عباده، ويعطيهم إذا سألوه بحقه، ويدفع عنهم البلايا برحمته، ولو علم الخلق ما محله عند الله ومنزلته لديه ما تقربوا إلى الله إلا بتراب قدميه) وقال أمير المؤمنين (ع): (حب الله نار لا يمر على شئ إلا احترق، ونور الله لا يطلع على شئ إلا أضاء وسماء الله ما ظهر من تحته شئ إلا غطاه، وريح الله ما تهب في شئ إلا حركته، وماء الله يحيي به كل شئ، وأرض الله ينبت منها كل شئ، فإن أحب الله أعطاه كل شئ من الملك والملك) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أحب الله عبدا من أمتي قذف في قلوب أصفيائه وأرواح ملائكته وسكان عرشه محبته ليحبوه، فذلك المحب حقا طوبى له ثم طوبى له! وله عند الله شفاعة يوم القيامة) (27) إلى هنا كلام الصادق.
عليه السلام - وما ورد في الحب من الأخبار والأدعية المعصومية أكثر من أن يحصى، وحكايات العشاق والمحبين لم تبلغ من الكثرة والتواتر حدا يمكن إنكاره، وقد روي: (أن داود (ع) سئل ربه أن يريه بعض أهل محبته، فقال له: ائت جبل لبنان، فإن فيه أربعة عشر نفسا، فيهم شبان وكهول ومشايخ، وإذا أتيتهم فاقرأهم مني السلام، وقل لهم: يقول ربكم لا تسألوني حاجة، فإنكم أحبائي وأصفيائي وأوليائي، أفرح لفرحكم وأسارع إلى محبتكم. فأتاهم داود، فوجدهم عند عين من العيون يتفكرون في عظمة الله وملكوته، فلما نظروا إلى داود، نهضوا ليتفرقوا عنه فقال لهم داود أنا رسول الله إليكم، جئتكم لأبلغكم رسالة ربكم. فأقبلوا نحوه، وألقوا