ذلك، لو قال: رأيت الرجل قلت: من الرجل، بالرفع، لأنه ليس بعلم، وإن قال: مررت بالأمير، قلت: من الأمير، وإن قال: رأيت ابن أخيك، قلت: من ابن أخيك، بالرفع لا غير؛ قال: وكذلك إذا أدخلت حرف العطف على من رفعت لا غير، قلت: فمن زيد ومن زيد ، وإن وصلت حذفت الزيادات، قلت: من هذا.
وتقول في المرأة: منة ومنتان ومنات، كله بالتسكين، وإن وصلت قلت: منة يا هذا، ومنات يا هؤلاء.
* ومما يستدرك عليه:
إذا جعلت من اسما متمكنا شددته لأنه على حرفين كقول خطام المجاشعي:
فرحلوها رحلة فيها رعن * حتى أنخناها إلى من ومن (1) أي إلى رجل وأي رجل، يريد بذلك تعظيم شأنه، وإذا سميت بمن لم تشدد فقلت: هذا من ومررت بمن.
قال ابن بري: وإذا سألت الرجل عن نسبه قلت: المني، وإن سألته عن بلدته قلت: الهني؛ وفي حديث سطيح:
* يا فاصل الخطة أعيت من ومن * قال ابن الأثير: هذا كما يقال في المبالغة والتعظيم: أعيا هذا الأمر فلانا وفلانا، أي أعيت، كل من جل قدره، فحذف، يعني أن ذلك مما نقصر عنه العبارة لعظمه كما حذفوها من قولهم: بعد اللتيا واللت ي، استعظاما لشأن المخلوق.
وحكى يونس عن العرب: ضرب من منا، كقولك ضرب رجل رجلا.
وقولهم في جواب من قال: رأيت زيدا المني يا هذا، فالمني صفة غير مفيدة، وإنما معناه الإضافة إلى من، لا يخص بذلك قبيلة معروفة، وكذلك تقول: المنيان والمنيون والمنية والمنيتان والم نيات، فإذا وصلت أفردت على ما بينه سيبويه.
وتكون من للاستفهام الذي فيه معنى التعجب نحو ما حكاه سيبويه من قول العرب: سبحان الله من هو وما هو؛ وقول الشاعر:
* جادت بكفي كان من أرمى البشر * يروى بفتح الميم، أي بكفي من هو أرمى البشر، وكان على هذا زائدة، والرواية المشهورة بكسر الميم.
[من]: ومن، بالكسر: حرف خفض يأتي على أربعة (2) عشر وجها:
الأول: لابتداء الغاية ويعرف بما يصح له الانتهاء، وقد يجيء لمجرد الابتداء من دون قصد الانتهاء مخصوصا نحو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فابتداء الاستعاذة من الشيطان مع قطع النظر عن الانتهاء غالبا وسائر معانيها راجعة إليه.
وردها الناصر البغدادي في منهاجه إلى البيانية دفعا للاشتراك لشموله جمع مواردها.
قال شيخنا، رحمه الله تعالى: وهو خلاف ما نص عليه أئمة الصرف (3) في الأماكن، ومثاله قوله تعالى: (إنه من سليمان) (4) نزل فيه منزلة الأماكن، وهذا كقولهم: كتبت من فلان إلى فلان، وقوله تعالى : (من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) (5)، هو كقولهم: خرجت من بغداد إلى الكوفة. ويقع كذلك في الزمان أيضا كما في الحديث: " فمطرنا من الجمعة " إلى الجمعة، وعليه قوله تعالى: (من أول ي وم أحق أن تقوم فيه) (6). ويقع في المعاني: نحو قرأت القرآن من أوله إلى آخره.
الثاني: و (*) للتبعيض، نحو قوله تعالى: (منهم من