و (*) الخامس: بمعنى البدل كقوله تعالى: (أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة) (1)، وكقوله، عز وجل: (ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة) (2)، أي بدلكم لأن الملائكة لا تكون من الإنس؛ وكقوله تعا لى: (لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا) (3)، أي بدل طاعة الله أو بدل رحمة الله، ومنه أيضا: قولهم في دعاء القنوت: لا ينفع ذا الجد منك الجد.
و (*) السادس: بمعنى الغاية، نحو قولك: رأيته من ذلك الموضع، قال سيبويه: فإنك جعلته غاية لرؤيتك أي محلا، كما جعلته غاية حيث أردت للابتداء والانتهاء؛ كذا في المحكم.
و (*) السابع: بمعنى التنصيص على العموم وهي الزائدة، وتعرف بأنها لو أسقطت لم يختل المعنى نحو: ما جاءني من رجل، أكد بمن وهو موضع تبعيض، فأراد أنه لم يأته بعض الرجال، وكذلك ويحه من رجل: إنما أراد أن يجعل التعجب من بعض، وكذلك: لي ملؤه من عسل، وهو أفضل من زيد.
و (*) الثامن: بمعنى توكيد العموم وهي زائدة أيضا نحو: ما جاءني من أحد، وشرط زيادتها في النوعين أمور (4): أحدها: تقدم نفي أو نهي أو استفهام بهل أو شرط نحو: (وما تسقط من ورقة إل ا يعلمها) (5)، (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) (6)، (فارجع البصر هل ترى من فطور) (7)، ومنه قول الشاعر:
ومهما يكن عند امرىء من خليقة * وإن خالها تخفى على الناس تعلم (8) الثاني: أن يتكرر مجرورها.
الثالث: كونه فاعلا، أو مفعولا به، أو مبتدأ.
وقال الجاربردي: والزائدة لا تكون إلا في غير الموجب نفيا كان أو نهيا أو استفهاما، أي لأن فائدة من الزائدة تأكيد معنى الاستغراق، وذلك في النفي دون الإثبات، وفيها خلاف للكوفيين والأخفش، فإن هم يزيدونها في الموجب أيضا.
وفي الصحاح: وقد تدخل من توكيدا لغوا؛ قال الأخفش: ومنه قوله تعالى: (وترى الملائكة حافين من حول العرش) (9)، وقال تعالى: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) (10)، إنما أدخل من ت وكيدا كما تقول رأيت زيدا نفسه، انتهى.
وقال الراغب في قوله تعالى: (فكلوا مما أمسكن عليكم) (11)، قال أبو الحسن: من زائدة والصحيح أنها ليست بزائدة لأن بعض ما أمسكن لا يجوز أكله كالدم والغدد وما فيه من القاذورات المنهي عن تناو لها، انتهى.
وقال أبو البقاء في قوله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) (12)، إن من زائدة وشئ في موضع المصدر أي تفريطا، وعد أيضا قوله تعالى: (ما ننسخ من آية) (13)، وقال: يجوز كون آية حالا، ومن ز ائدة، واستدل بنحو: (ولقد جاءك من نبإ المرسلين) (14)، (يغفر لكم من ذنوبكم) (15)، (يحلون فيها من أساور) (16)، (ونكفر عنكم سيئاتكم.) (17) وخرج الكسائي على زيادتها الحديث: " إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون "، وكذا ابن جني قراءة بعضهم: لما آتيت كم من كتاب وحكمة بتشديد لما، وقال به بعضهم في " ولقد جاءك من نبإ المرسلين ".