فأصلها لكن أنا، فلما حذفت الهمزة للتخفيف وألقيت حركتها على نون لكن صار التقدير لكننا، فلما اجتمع حرفان مثلان كره ذلك، كما كره شدد وجلل، فأسكنوا النون الأولى وأدغموها في الثانية، فصار ت لكنا، كما أسكنوا الحرف الأول من شدد وجلل وأدغموه في الثاني فقالوا جل وشد، فاعتدوا بالحركات وإن كانت غير لازمة؛ وقوله:
فلست بآتيه ولا أستطيعه * ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل (1) إنما أراد: ولكن اسقني، فحذف النون للضرورة وهو قبيح.
* ومما يستدرك عليه:
[لكين]: لكين بن أبي لكين، كزبير: جني جرت له مع الربيع بنت معوذ الأنصارية قصة ذكرها البيهقي في الدلائل.
وتلاكن في كلامه: أرى في نفسه اللكنة ليضحك الناس.
ولكنو: مدينة عظيمة بالهند هي بيد الإفرنج اليوم.
[لن]: لن: حرف نصب ونفي واستقبال.
وفي المحكم: حرف ناصب للأفعال، وهي نفي لقولك سيفعل.
وفي الصحاح: حرف لنفي الاستقبال، وتنصب به تقول: لن يقوم زيد.
قال الأزهري (2): واختلفوا في علة نصب الفعل، فروي عن الخليل أنها نصبت كما نصبت أن وليس ما بعدها بصلة لها، لأن لن تفعل نفي سيفعل فيقدم ما بعدها عليها، نحو قولك: زيدا لن أضرب ، كما تقول: زيدا لم أضرب انتهى.
وقال الجاربردي: هو حرف بسيط برأسه على الصحيح وهو مذهب سيبويه؛ لأن الأصل في الحروف عدم التصرف وليس أصله لا فأبدلت الألف نونا وجحدوا بها المستقبل من الأفعال ونصبوه بها خلافا للفراء .
قال أبو بكر: وقال بعضهم في قوله تعالى: (فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم، فلن يؤمنوا) (3)، فأبدلت الألف من النون الخفيفة؛ قال: وهذا خطأ لأن لن فرع للا، إذ كانت لا تجحد الماضي، والمستقبل والدائم والأسماء، ولن لا تجحد إلا المستقبل وحده.
ولالا أن فحذفت الهمزة تخفيفا لما كثر الاستعمال، فالتقت ألف لا ونون أن، وهما ساكنان، فحذفت الألف من لا للساكنين وهو سكونها وسكون النون بعدها فخلطت اللام بالنون وصار لهما بالامتزاج والترك يب الذي وقع فيهما حكم آخر خلافا للخليل.
وزعم سيبويه أن هذا ليس بجيد، ولو كان كذلك لم يجز زيدا لن يضرب، وهذا جائز على مذهب سيبويه وجميع البصريين.
وحكى هشام عن الكسائي مثل هذا القول الشاذ عن الخليل ولم يأخذ به سيبويه ولا أصحابه.
ولا تفيد توكيدا لنفي (4) ولا تأبيده خلافا للزمخشري فيهما في قوله تعالى: (لن تراني) (5)، وهما (6) دعوى بلا دليل، وفيه دسيسة اعتزالية حملته على نفي الرؤية على التأبيد، ولو كانت للتأ بيد لم يقيد منفيها باليوم في قوله تعالى: (فلن أكلم اليوم إنسيا) (7)، ولكان ذكر الأبد في قوله تعالى: (ولن يتمنوه أبدا) (8) تكرارا، والأصل عدمه، كما صرح به غير واحد ومر تح قيقه في الراء.