فمنه تعرف فساد ما أورد عليه بعض مشايخنا من عدم صدق الدعوى في صورة غير الجزم نعم لو كان مرادهم هو الأعم مما ذكرنا لكان لورود هذا الايراد عليهم وجه فتأمل.
ثالثها انه يستفاد من كلماتهم في بعض فروع المسألة ما ينافي في اختلافهم فيها في المقام فإنهم ذكروا فيما إذا ادعى الوارث على شخص كونه مديونا لمورثه من جهة ما وجده في دفتره من غير خلاف بينهم انه يسمع منه ذلك وإن اختلفوا في حبسه بعد النكول على القول بعد الحكم به أو اطلاقه ورفع اليد عنه فقضية اتفاقهم في هذا الفرع من غير ابتنائه على سماع الدعوى الغير الجازمة تنافي قضية اختلافهم في تلك المسألة وذكروا مثل هذا فيما إذا لم يكن للميت وارث فوجد حاكم الشرع في دفتره ما يدل على كونه مطالبا من شخص فإنه يدعي على هذا الشخص ويسمع دعواه كالوارث نعم لو كان الدفتر من الامام ووجد فيه ذلك يحكم بوجوب سماع الدعوى المستندة إليه وسيأتي تفصيل القول في جميع ذلك إن شاء الله.
رابعا لا إشكال بل لا خلاف ظاهرا في أنه يجب سماع الدعوى الغير الجزمية بعد ما رجع المدعي عنها إلى الجزم وادعاها جازما بها لعدم المانع منه أصلا لأن عدم سماعها منه في زمان من جهة فقط شرط من شروطه لا يوجب عدمه فيما إذا كان واجدا لهذا الشرط حسبما هو المفروض.
قوله المقصد الثالث في جواب المدعى عليه وهو إما إقرار أو انكار أو سكون أما الاقرار فيلزمه إذا كان جائز التصرف الخ.
أقول بعدما كان دعوى المدعي جامعة للشرايط المذكورة المعتبرة في سماعها فيسمعها الحاكم من - المدعي فيطالب المدعى عليه بالجواب فلا يخلو إما أن يعترف بثبوت المدعى به بقوله نعم ونحوه أو ينكره بقوله لا ونحوه أو يسكت عنهما وجعل الأخير جوابا لا يخلو عن مسامحة فإن التوجيهات التي ذكروها له من كونه في حكم الانكار إذا أصر عليه أو غير ذلك لا تخرجه عن المسامحة كما لا يخفى وكيف كان هذا مما لا إشكال فيه وإنما الاشكال فيما ذكره شيخنا الأستاذ دام ظله وفاقا لجمع من متأخري الأصحاب من أن هناك جوابا آخر للمدعى عليه لم يتعرض له الأصحاب بل ظاهرهم الحصر في المذكورات وهو قوله لا أدري فهل ادخلوه وأدرجوه في المذكورات أو غفلوا عنه وادراجه في المذكورات مشكل ونسبة الغفلة إليهم أشكل ويمكن ادراجه في السكوت بأن يجعل المراد منه السكوت عن الاقرار والانكار سواء تكلم بشئ آخر غيرهما كلا أدري أو لم يتكلم أصلا وهذا كما ترى خلاف ظاهر كلماتهم بل صريح بعضها وقد ذكر الأستاذ دام ظله كونه داخلا في الانكار عندهم وإن لم يترتب عليه بعض أحكامه من توجه اليمين وغيره فإن المجيب بلا أدري بحسب الواقع ينكر ثبوت الحق ظاهرا ويبني على عدمه في الظاهر ويمتنع عن أدائه إلى المدعي وفيه أيضا تأمل لمنع بناء المدعى عليه المجيب بلا أدري دائما على إنكار الحق في الظاهر لامكان وكوله الأداء وعدمه بحسب تكليفه الظاهري إلى المسألة من - الحاكم من غير أن يبني على أحدهما فتأمل هذا.
وقد ينقدح في النفس ويخطر بالبال جواب آخر عن هذا الاشكال غير الجوابين المذكورين وهو ان عدم ذكرهم له في عداد جواب المدعى عليه مع كونه منه ليس من جهة غفلتهم عنه بل من جهة عدم ترتب ثمرة الجواب عليه من حيث هو أصلا فهو وإن كان داخلا في الجواب موضوعا إلا أنه خارج عنه حكما فتأمل.
ثم إن ما ذكرنا كله من كونه خارجا عن أحد المذكورات أو داخلا فيه إنما هو فيما إذا لم يدع عليه العلم وأما