لكون عدمه المعتبر في العسر سببا لحرمة المطالبة ووجوب الامهال هذا كله إن لم نقل بظهور صدر الآية في كون الشرط في وجوب الانظار هو العسر باعتبار الامر الوجودي المعتبر فيه بل قلنا بكونه محتملا له كما يحتمل لما ذكرنا على السوية.
وأما لو قلنا بكونه ظاهرا فيما ذكره الخصم فلا ريب ان ظهور ذيل الآية الشريفة مع ذلك حاكم على هذا الظهور كما لا يخفى على ذوي الشعور وعليك بالتأمل في كلمات الأصحاب تجدها منادية بما ذكرنا هذا مجمل القول في الآية الشريفة وأما دلالة الأخبار الواردة في الباب على ماذ كرنا فغنية من أن تحتاج إلى البيان كما لا يخفى لمن اطلع عليها وتأمل فيها فتبين مما ذكرنا فساد ما توهمه بعض المتأخرين من أن المستفاد من قوله تبارك وتعالى وإن كان ذو عسرة الآية كون العسر شرطا في حرمة المطالبة ووجوب الانظار ثم إن ما ذكرنا وإن كان أمرا واضحا لكل أحد إلا أنه لما قد ناقش فيه بعض الأجلة أردنا الإشارة إليه حتى لا يقع غيره في خلافه.
ثم إن هنا إشكالين أوردهما شيخنا الأستاذ العلامة دام ظله على جملة من الأصحاب لا بأس بالإشارة إليهما وإلى ما ذكره دام ظله في دفعهما.
أحدهما ان الظاهر من جماعة بل نسب إلى الشهرة سماع البينة من المعسر في المقام كما يكتفى منه باليمين اتفاقا حسبما عرفت القول فيه وهو الظاهر من المصنف أيضا فيما عرفت من عبارته في كتاب المفلس فإن قوله فإن وجد البينة قضى بها مع ملاحظة ما ذكره من التفصيل هنا صريح أو ظاهر في الاكتفاء بالبينة في الصورتين صورة سبق المال وصورة عدم سبقه لان الاطلاق في مقام البيان يفيد العموم في الكلام حسبما صرح عليه الاعلام في علم الأصول والفروع ومن الشهيدين في اللمعة وشرحها قال الشهيد الأول في اللمعة في كتاب القضاء فإذا ادعى الاعسار وثبت صدقه ببينة مطلعة على باطن أمره أو بتصديق خصمه له أو كان أصل الدعوى بغير مال وحلف ترك انتهى كلامه وهو كما ترى ظاهر في الاكتفاء بالبينة مطلقا سواء كان الدعوى مسبوقة بمال أو لا فإنه وإن قيل إن المنفصلة ظاهرة في الحقيقة إلا أنها في خصوص المقام ظاهرة في منع الخلو كما لا يخفى على من تأمل فيها مضافا إلى القطع بعدم الفرق بينهم في كفاية تصديق الخصم بين الصورتين والقول بكونها منفصلة حقيقة بالنسبة إلى البينة ومانعة الخلو بالنسبة إلى تصديق الخصم فاسد جدا كما لا يخفى.
وبالجملة لا إشكال في ظهور كلمات جمع منهم في سماع البينة في المقام أيضا إن لم ندع صراحتها وهو مخالف ومناقض لما يظهر منهم في الاستدلال بكفاية اليمين بكون قوله موافقا للأصل وكونه منكرا فإنه إن كان منكرا حسبما هو الظاهر من الأكثر فما وجه سماع البينة منه مع أنه لم نقف على منكر يسمع منه البينة في مورد من الموارد في الشرع وإن وقفنا على سماع اليمين من المدعي في موارد عديدة وإن كان مدعيا مع أنه خلاف الظاهر منهم فما وجه الاكتفاء باليمين مع أن شأن المدعي ووظيفته بحسب أصل الشرع إقامة البينة.
ثانيهما ان الظاهر ممن يقول بسماع البينة في المقام هو القول بسماع البينة مستقلا من غير احتياج إلى انضمام اليمين إليها والالزام لغوية البينة لقيام الاجماع حسبما عرفت على الاكتفاء باليمين مستقلا والظاهر من جماعة منهم المصنف على ما سيجئ توقف سماعها على انضمام اليمين معها في المقام الثاني فيما لو شهدت على الاعسار لا على التلف معللا ذلك باحتمال تجدد حدوث المال بحسب الواقع بحيث لم تعلم به البينة فإن كان