انه لم يرد أكثر العمومات بلفظ الدعوى وثانيا انه لا ينفع كما سيجئ وإن أريد بذلك احراز مقبولية الدعوى بالعرف ففيه انه لا ربط للعرف في مثل هذه الأشياء كما لا يخفى وأما المؤيد فأما أولا فبمغايرة ما نحن فيه لمورد تلك الأخبار فإن موردها اتهام المدعي عند المنكر وهو صاحب المال وما نحن فيه هو اتهام المنكر عند المدعي وأما ثانيا فلانا لو بنينا على التعدي من مورد تلك الأخبار فإنما هو فيما إذا كان هناك طريق شرعي لثبوت المدعى عند المدعي كما في مورد تلك الأخبار فإن جميعها فيما إذا كان هناك طريق لثبوت المال ولو كان هو الاستصحاب فلو بنينا على التعدي فإنما ينفع فيما ذكرنا لا فيما ذكره قدس سره.
فإن قلت إن مورد تلك الأخبار وإن كان على خلاف ما نحن فيه من الجهتين إلا أن الظاهر من قوله في رواية أبي بصير لعله تستخرج منه شيئا التعليل للحكم المذكور فهو بمنزلة كبرى كلية جارية في جميع المقامات.
قلت الظاهر من الاستخراج هو طلب خروج ما كان ثابتا لا طلب خروج ما يحتمل ثبوته بحسب الواقع فهو بمنزلة كبرى كلية في موارد ثبوت الحق بالطريق الشرعي فينطبق على ما ذكرناه لا على ما ذكره هذا مجمل القول في الجواب عن مؤيده الأول وأما الجواب عن مؤيده الثاني فبما قد عرفت غير مرة من أن تلك العمومات واردة في مقام بيان قضية مهملة لا دلالة لها لمثل المقام أصلا هذا.
وقد يفصل أيضا بين ما يعسر الاطلاع عليه كالقتل والسرقة وغيرهما وغيره فتسمع في الأول دون الثاني وأول من ذهب إلى هذا التفصيل على ما صرح به أستاذنا العلامة دام ظله المحقق الثاني ثم تبعه على ذلك جماعة ممن تأخر عنه والدليل على هذا التفصيل على ما ذكره الأستاذ دام ظله ويستفاد من كلامهم أيضا إما على النفي في غير ما يعسر الاطلاع عليه فبأدلة النافين وأما على الاثبات فيما يعسر الاطلاع عليه فبأن عدم السماع فيه يوجب ابطال الحقوق كثيرا كما لا يخفى فيدل على وجوب السماع فيه ما دل على وجوب السماع في الدعوى الجزمية.
وفيه أنه إن كان للمدعي فيما يعسر الاطلاع عليه طريق شرعي إلى ثبوت المدعى فهو وإلا فلا دليل على وجوب السماع فيه كما لم يكن في غيره ومجرد لزوم ابطال الحق كثيرا لا يدل على وجوب السماع بعد عدم جريان أدلة الحكم وأما القول بكون العلة في أصل تشريع الحكم بين الناس هو عدم لزوم ابطال حقوقهم فما يستلزم فيه ذلك يجري فيه دليل الحكم ففاسد لأنا نمنع من كون عدم لزوم ابطال الحقوق علة للحكم يدور مداره وجودا وعدما بل غاية ما سلمنا هو كونه حكمة غير مستتبعة للحكم في موارد وجودها ولا مقتضية لعدمه في موارد فقدها هكذا ذكره الأستاذ في الجواب عن هذا الدليل بعد ميله أولا إلى هذا القول ولكن لي في عدم تمامية هذا التفصيل تأمل يظهر وجهه مما ذكرنا من النقض والابرام والله العالم بحقايق الأمور.
وينبغي التنبيه على أمور أحدها ان ما ذكرنا كله في الدعوى الغير الجزمية إنما هو بالنسبة إلى لزوم السماع وعدمه وأما الجواز فلا إشكال فيه بل مقتضى الاحتياط الغير اللازم عدم تركها حسبما عرفت تفصيل القول فيه في الدعوى المجهولة ثانيها ان ما ذكرنا من وجوب السماع في الدعوى الغير الجزمية فيما كان للمدعى طريق إلى الحق فإنما هو فيما إذا وجد هناك مطالبة من المدعي حتى يصدق معها الدعوى فإن صدقها عرفا موقوف على تحت عنوان المطالبة والمشاجرة فلو لم يكن هناك مطالبة من المدعى بل الموجود منه مجرد الاخبار ظنا بثبوت الحق كما قال أظن اني أطلب من زيد فلا إشكال في عدم سماعه لخروجه عن الدعوى فلا بد من أن يكون مراد من يحكم بوجوب السماع مطلقا أيضا هو ما ذكرنا أي في مورد يكون هناك عنوان المطالبة