ما قيل من أن مرجع الفحص في باب التقليد إلى الفحص عن الطريق الشرعي الفعلي للعامي نظير الفحص عن المعارض للاخبار والأدلة والمرجح للمتعارضين في حق المجتهد وفي باب القضاء إلى الفحص عن المرجع للحكم ومن نصبه الإمام (عليه السلام) للقضاء بين الناس فيجب احرازه وإلا فالأصل عدم نفوذ قضاء مشكوك الحال والمسألة غير نقية عن الاشكال من حيث إن الفرع غير مذكور في كلمات جلهم نعم تعرض له بعض مشايخنا في شرحه على سبيل الاجمال حيث قال ما هذا لفظه ثم إنه بناء على تقديم الأفضل فهل هو في حكم المانع أو الشرط وجهان لا تخفى الثمرة بينهما انتهى كلامه رفع مقامه والغرض من كونه في الحكم المانع عدم لزوم الفحص عنه كما أن الغرض من كونه في حكم الشرط لزوم الفحص عنه وبعد الإحاطة بما ذكرنا تعرف ما يتوجه عليه من المناقشة الثاني انه على القول بتقديم الأعلم في المقام هل يقدم الأعدل والأورع على العادل والورع أم لا وجهان ظاهر غير واحد حيث ذكروها في عنوان تقديم الفاضل والمفضول وصريح بعض التقديم وظاهر آخرين حيث اقتصروا على تقديم الأعلم عدمه والأقوى هو الأول بناء على الاستناد في تقديم الأعلم إلى الأخبار المتقدمة بعد حمل العطف على كفاية كلواحدة من الفضائل للترجيح كما عليه الفتوى ويشهد له قول السائل الذي قرره الإمام (عليه السلام) قلت جعلت فداك كلاهما عدلان مرضيان لا يفضل أحدهما على صاحبه فقد علم كون مدار الترجيح على مطلق الفضيلة بل إلى غيرها أيضا في الجملة كما هو ظاهر ومنه يعلم أنه لا مناص عن الترجيح بالفضيلة المذكورة في باب التقليد بناء على حمل الأخبار المتقدمة على ما ينطبق عليه حسبما اخترناه.
الثالث انه على تقدير الترجيح بكل من الأفقهية والأعدلية فهل تقدم الأولى عند التعارض أم لا صريح من تعرض للفرع في المقام وفي مسألة التقليد هو التقديم ولا يستفاد من أخبار الباب بناء على حملها على الحكومة بل على التقليد أيضا بل على الترجيح من حيث تعارض الاخبار أيضا حكم تعارض الفضائل وفي كلام بعض الأصحاب التعليل له بما لا يخلو عن مناقشة نعم يمكن التمسك له بعد منع التمسك باطلاق الاخبار لصورة تعارض الصفات بالأصل المحكم المرجع في المقام بل في التقليد وتعارض الاخبار أيضا بعد فرض كون الأفقه متيقن الاعتبار والمرجعية الرابع انه لا إشكال في كون المراد بالأعلم في الأبواب الثلاثة هو الأعلم بالفقه يعني أشد ملكة بالنسبة إليه وإن كان لتكميل المقدمات سيما علم الأصول ولمزاولة الفقه مدخل فيه ومن هنا وقع التعبير بالأفقة في المقبولة والأفقه بدين الله في رواية النميري وينطبق عليه الأعلم بالحديث في رواية داود بن الحصين فإن الأفقهية في ذلك الزمان إنما كانت تحصل بالأعلمية بأحاديث الأئمة (عليهم السلام) فلا تنافي بين الاخبار.
الخامس انه لا إشكال في ثبوت سائر الولايات العامة الحسبية المختصة بالمجتهدين للمفضول كثبوتها للفاضل على القول باختصاص ولاية القضاء به بل الظاهر أنه مما لا خلاف فيه لعموم ما دل عليه من الاخبار سيما التوقيع الشريف الدال على كونهم حجة من الحجة أرواحنا له الفداء على الخلق وانهم المرجع للحوادث الواقعة وانتفاء ما يقتضي تخصيصه بطائفة منهم وهو أمر ظاهر.
السادس انه على القول بتعين قضاء الفاضل هل له اذن المفضول وتوكيله أو نصبه للقضاء كما أن للإمام (عليه السلام) كلا من التوكيل والنصب في زمان حضوره أوليس له ذلك وجهان أوجههما الثاني لان القضاء وإن كان قابلا للتوكيل والنصب في الجملة على ما عرفت إلا أنه لما كان على خلاف الأصل والقواعد فيقتصر في حق الإمام (عليه السلام) وليس هنا دليل خاص يقتضي الجواز كما أنه ليس هنا عموم منزلة يقضى بثبوت ماله (عليه السلام) للفقيه إلا ما خرج