لعدم جريان الاستصحاب بعد فقد الموضوع فإن شئت قلت الحكم بالتخيير بين المتساوين مترتب على التساوي ولا أقل من الشك في ترتبه عليه فلا يجري استصحابه مع ارتفاع التساوي لاشتراط العلم ببقاء الموضوع في التمسك باخبار الاستصحاب الثاني قبح التسوية بين الفاضل والمفضول كقبح ترجيح المفضول على الفاضل ومن هنا تمسكوا بهذه القاعدة العقلية في مسألة الخلافة الكبرى على تقدير كون النصب من الخالق الثالث كون رأي الفاضل أقوى نوعا من رأي المفضول الرابع الاجماع المدعى في كلام غير واحد منهم السيد في محكي الذريعة وثاني المحققين في محكي حواشي الشرائع على لزوم تقديم الأعلم في المقام وفي باب التقليد الخامس ما عرفت من الأخبار المتقدمة فإنها تدل على لزوم التقديم في الجملة بلا إشكال فإن لم يكن هناك قول بالفصل استدل بها بانضمامه على تعين الرجوع إليه مطلقا هذا.
واستدل للقول بعدم تعينه والتسوية بينهما بوجوه أيضا الأول عموم ما دل من النصب مما عرفت من الاخبار فإن مقتضاه على ما عرفت جواز الرجوع إلى المفضول مع الاختلاف فضلا عن الاتفاق وبه يرفع اليد عن الأصل في المسألة وإن كان مقتضاه تعين قضاء الأعلم بالتقريب الذي عرفته ولا يخصصه ما دل الترجيح عند الاختلاف لما عرفت من اختصاص الترجيح في الحكم بالمعنى المنطبق على التقليد لا القضاء ولا علم بعدم الفصل بين المسألتين إن لم ندع العلم بوجود الفصل بينهما وأما تخصيصه بنقل الاجماع في المسألة ممن عرفت ففيه مضافا إلى ابتنائه على حجيته مطلقا مع ما يتطرق إليه من المنع على ما فصلنا القول فيه في محله من الأصول بذهاب جمع إلى القول بخلافه فتدبر.
وأما تخصيصه بحكم العقل فيتوجه عليه مضافا إلى اقتضائه على تقدير تسليمه عدم جواز النصب من الإمام (عليه السلام) للرعية مطلقا بعدم تماميته في أمثال المقام حتى يوجب التخصيص ورفع اليد عن عمومات النصب وإنما يتم في مسألة الخلافة حيث إن مرجع الفرق بين الفاضل والمفضول في هذه المسألة إلى الفرق بين العالم والجاهل حيث إن الفاضل عالم بجميع ما تحتاج إليه الأمة ومحيط به والمفضول جاهل ببعضه فيقبح التسوية بينهما فضلا عن ترجيح المفضول وإليه أشار في قوله تبارك وتعالى هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون وهذا بخلاف مسئلتنا هذه فإن مرجع الفرق بينهما إلى شدة الملكة العلمية بالنسبة إلى المسائل وضعفها و هذا كما ترى لا تعلق له بالعلم والجهل هذا.
وأما قوة الظن بالنسبة إلى فتوى الأعلم فيتوجه عليه على تقدير التسليم انه إنما ينفع فيما إذا دار الامر بينها وبين فتوى غيره بحيث يكون الدليل والحجة إحديهما كما في مسألة التقليد لا فيما نحن فيه مما قام الدليل فيه على نصب كلواحد من العلماء هذا فإن شئت قلت إن مبنى الترجيح على التعارض بحيث يدور الامر بين كون الدليل والحجة الفعلية أحدهما على التعيين أو كلواحد على البدل والتخيير وهذا كما ترى أجنبي عما نحن فيه كما هو ظاهر ومما ذكرنا كله تعرف فساد وجوه القول بتعين قضاء الأعلم مطلقا.
الثاني لزوم الحرج الشديد من تعين قضاء الأعلم وهذا بخلاف تعين تقليده والفرق بينهما لا يكاد أن يخفى على الأوائل فلو فرض هناك ما يقتضي بظاهره تعين قضاء الأعلم فلا بد من رفع اليد عنه بهذا الوجه نعم على القول بكون المنفي بدليل نفي الحرج الحرج الشخصي لا الغالبي الاكثري النوعي لم يتم هذا الوجه باطلاقه ولا يتممه عدم القول بالفصل فتدبر.
الثالث كونه خلاف السيرة المستمرة بين العلماء بل بين أصحاب الأئمة (عليهم السلام) أيضا فإنه لا يكاد يرتاب